السبت، 30 يناير 2016

هل ستكون اليمن مقبرة الإمبراطورية السعودية الجديدة؟

بقلم: هيلين لاكنر
أوبين ديموقراسي - لندن
الخميس 29 يناير 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

أولئك الذين قرروا شن الحرب في مارس 2015، لم يتفكروا مليا في الواقع العسكري واللوجستي أو الجغرافي أو الإجتماعي والسياسي لليمن، كما لم يفكروا في التكلفة البشرية، أو استراتيجية للخروج. ولكن هذه الأسئلة تتصاعد الآن.

في عام 1934، شنت المملكة العربية السعودية التي تأسست للتو حربا ضد الإمامة في اليمن، مما أدى إلى سيطرة السعوديون على محافظات عسير وجازان ونجران. وسحب الملك عبد العزيز قواته بمجرد الإنتهاء من تحقيق هدفه الأساسي.

عندما جرى الاعتراض على قرار الملك بالانسحاب الفوري في الوقت الذي كانت قواته تتقدم بشكل واضح، كان رده "أنتم لا تعرفون شيئا عن اليمن. اليمن قبلية وجبلية، ولا يمكن لأحد السيطرة عليها. كل أولئك الذين حاولوا على مر التاريخ السيطرة على اليمن قد فشلوا. وكانت الدولة العثمانية آخر الغزاة الفاشلين. أنا لا أريد توريط نفسي أو شعبي في اليمن".

وبعد عشرة أشهر على الحرب الحالية التي تقودها السعودية في اليمن، يبدو من الواضح أن هذه النصيحة لم تتغلغل في وعي محمد بن سلمان، وزير الدفاع الحالي و ولي ولي العهد وحفيد عبد العزيز، أو في وعي والده، الملك الحالي.

خلفية تاريخية بسيطة

من بين العديد من الأسئلة التي تستحق الدراسة يبرز السؤال حول اسباب انخراط المملكة العربية السعودية في الصراع اليمني الحالي. أدت احتجاجات 2011 إلى انتخاب عبد ربه منصور هادي، والذي تم اختياره رئيسا جديدا لليمن في فبراير 2012 ليحل محل علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد منذ عام 1978. وقد شمل الاتفاق الذي رعته دول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي على فترة انتقالية مدتها سنتين يتم خلالها عقد مؤتمر الحوار الوطني وإعادة هيكلة القوات المسلحة بما من شأنه أن يؤدي إلى النظام الجديد للحكم والذي كان الكثيرين يأملون في أنه سيعكس تطلعات مئات الآلاف من الرجال والنساء اليمنيين الذين تظاهروا بشكل سلمي وحازم طوال عام 2011 وما بعده.

ولكن هذا لم يحدث. فقد تدهورت الأوضاع الداخلية في اليمن بسرعة عقب الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني في يناير 2014 بعد أن فشل في حل القضايا السياسية الرئيسية في ذلك الوقت، بما فيها عدد وحدود المناطق في الدولة الفيدرالية المقترحة وتوزيع السلطة بين القوى السياسية المتنازعة التي شارك معظمها في الحوار وهي : صالح وحزبه "المؤتمر الشعبي العام" وأنصار الله الحوثي، والتجمع اليمني للإصلاح "الإسلامي"، والفصائل الجنوبية الانفصالية المتعددة. وتم تهميش المرأة وحركة الشباب الديمقراطي.

ونتيجة لذلك، تميز عام 2014 بالسيطرة التدريجية للحوثيين والاستيلاء على الأجزاء الشمالية من البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، وبلغت الأحداث ذروتها في استقالة الحكومة الانتقالية "الشرعية" في يناير 2015، تبع ذلك على الفور تحرك الجيش جنوبا فيما بات يوصف الآن بأنه تحالف بين الحوثيين / صالح.

وكالعادة، يجدر بنا أن نذكر القراء بأن أيا من قادة الفصائل والأحزاب لم يولوا اهتمامهم أو يفكروا، ولو للحظة واحدة، حول تأثير أفعالهم على اليمنيين العاديين أو على الظروف المعيشية المتفاقمة الناجمة عن الممارسات التي تخدم مصالحهم. وهكذا، واجهت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى وحلفائهم الغربيين في أوائل عام 2015 احتمال الهزيمة الكاملة للآلية الانتقالية التي أبرمت، وما يترتب على ذلك من فوز التحالف بين الصحوة الزيدية لحركة الحوثيين [الزيديون فرع من الإسلام الشيعي، وقريبا من السنة إلى حد ما] والحاكم السابق المخلوع علي عبد الله صالح، الحليف السابق للخليج الذي اصبح حينئذ العدو رقم واحد.

حينها، ولد نظام جديد في الرياض عندما ورث ملك مسن آخر العرش لتوه في السعودية.

وخلافا لأسلافه الحذرين، انقلب سلمان على الفور على النظام العائلي المتفق عليه سابقا حول خلافة الحكم وقام بتنصيب ابنه الصغير المفضل [30 عاما] في منصب وزير الدفاع ووليا لولي العهد. حتى انه أزاح ولي العهد الذي اختاره شقيقه المتوفى لصالح أحد أبناء "السديريين السبعة".

وللحفاظ على هذا النظام الجديد للخلافة، بل وربما لتمكين ابنه ليصبح وليا للعهد، فقد رأى أن تأكيد نوعا جديدا من السياسة الدولية سيمثل فكرة جيدة، بالإضافة إلى خلق التأييد الشعبي في الداخل من خلال إظهار القدرة العسكرية للمملكة والاستقلال عن الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين الآخرين. وقد يكون ذلك أيضا نتيجة زيادة القلق السعودي حول ما اعتبروه تقصير الولايات المتحدة في المسئولية. وعلى مدى عقود، كان هناك اتفاق غير مكتوب تلتزم فيه المملكة العربية السعودية أن لا تتحدث كثيرا عن إسرائيل، في مقابل دعم الولايات المتحدة لهيمنتها على العالم العربي. وفي عام 2015، لم تفشل الولايات المتحدة فقط في دعم فصائل المعارضة السورية الإسلامية التي يفضلها السعوديون، ولكنها فوق ذلك توصلت إلى اتفاق مع إيران، المنافس الرئيسي للمملكة العربية السعودية "كي لا نقول العدو" في المنطقة.

هذه القضايا، على عكس السياسة الاقتصادية الداخلية، هي قضايا تتوافق فيها وجهة نظر النظام والشعب. التصريحات الطائشة والاستفزازية المتعمدة من قبل بعض الزمر في إيران عززت الخوف والقلق على نطاق واسع في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، كتلك التصريحات التي زعم فيها الإيرانيون سيطرتهم على أربع عواصم عربية فور استيلاء الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014.

لذلك قررت القيادة السعودية الجديدة استعراض القوة، وبدت اليمن فرصة مثالية لتحقيق كل هذه الأهداف بالحد الأدنى من المخاطر. كان النظام المدعوم في اليمن على وشك أن يطاح به من قبل ما يمكن وصفه بأنه تحالف بين فصيل شيعي والرئيس السابق الذي كان مقبول دوليا من قبل الأمم المتحدة. لقد تحديا الاتفاق الذي تم برعاية مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة والقوى الكبرى. وعلى الرغم من أن القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم [2216] لم يتطرق رسميا للتدخل العسكري، إلا أنه لم يحظره.

وعلى الفور، تم تجميع وتشكيل التحالف وشنت الغارات الجوية يوم 26 مارس عام 2015، وكان الهدف المعلن هو استعادة السلطة الشرعية إلى الحكم والاطاحة بالمتمردين. ومن المرجح أن أولئك الذين اتخذوا هذا القرار لم يتفكروا مليا في الواقع اليمني، سواء من الناحية العسكرية و اللوجستية او الجغرافية أو الاجتماعية و السياسية، ناهيك عن التكلفة البشرية لأفعالهم.

الحرب

بعد عشرة أشهر، لاتزال الغارات الجوية مستمرة بشكل يومي على جميع أنحاء البلاد. وهناك قوات برية في اليمن من عدة دول مشاركة في التحالف على النحو التالي: قلة من السعوديين، الإماراتيين [بمن فيهم الكولومبيين وقوات خاصة أخرى من أمريكا الجنوبية بقيادة الأسترالي الذي قد يكون، أو لا يكون، موجودا في الميدان]، السودانيين، البحرين، قطر، الكويت. وهذه القوات مدعومة بقوات سنغالية ومغربية على الجانب السعودي من الحدود بالإضافة لقوات البحرية المصرية. وقد وصل الوضع العسكري برمته إلى طريق مسدود. كما ارتفع العدد الرسمي للقتلى إلى 6 ألف قتيل بحلول نهاية 2015 مع أكثر من  28 ألف جريح. وبات الوضع الإنساني على مستوى الطوارئ بمقياس الأمم المتحدة نتيجة وجود 21.2 مليون شخص محتاج من أصل عدد السكان البالغ 26 مليون، و 8.8 مليون فقط هم من وصلتهم الإغاثة الإنسانية للأمم المتحدة في عام 2015 والتي وفرت 56% فقط من التمويل المطلوب لهذا العام.

منذ تحرير عدن في أغسطس 2015، ظلت المدينة غير آمنة تماما بتعرضها لهجمات يومية من قبل مجموعة من الفصائل المختلفة، كالجماعات الانفصالية في الجنوب، والعدوانيين الإسلاميين المسلحين المنضوين تحت عدة أسماء بما فيها داعش و تنظيم القاعدة والجماعات السلفية الأخرى، بالإضافة إلى قطاع الطرق واللصوص العاديين الذين يهاجمون البنوك والمؤسسات المصرفية والأمن والضباط الآخرين. وقد تمكنوا من قتل المحافظ بعد أقل من شهرين على تعيينه. سميت عدن بالعاصمة المؤقتة في مارس 2015، ويعيش الرئيس هادي في قصره الجبلي المحصن منذ عاد إلى عدن في نوفمبر 2015 ولا يغامر بالخروج منه إلا في طلعات قصيرة بالهليوكابتر. وفي يوم 25 يناير عام 2016، وصل "بحاح" نائب الرئيس ورئيس مجلس الوزراء الى عدن للمرة الثالثة منذ تحريرها مدعيا أن هذه هي عودته النهائية، حيث لم تدم زياراته السابقة طويلا. علما أن العديد من الوزراء لا يزالون في صنعاء.

طريق مسدود

لا يظهر الجمود العسكري أي مؤشرات على قرب النهاية. المزاعم بتحرير مناطق مختلفة، تكذبها الغارات الجوية المستمرة على نفس تلك المناطق، مثل ميدي وحرض على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود السعودية، وكذلك مأرب شرق صنعاء بالإضافة لمحافظات شبوة والبيضاء والضالع. وخلال الأشهر الستة الماضية، يجري القتال الرئيسي والأشد في داخل مدينة تعز وحولها، وهي ثالث كبرى المدن في البلاد، حيث تتساوى فيها موازين القوى على الأرض وتستخدم فيها أشنع التكتيكات الحربية.

تقبع مدينة تعز الآن تحت الحصار منذ شهور بواسطة قوات الحوثيين / صالح التي تسيطر على الطرق الرئيسية وتمنع وصول الإمدادات والمياه والغذاء والمعدات والمستهلكات الطبية وجميع الإحتياجات الأساسية. وينقسم سكان المدينة نفسها بين الأغلبية الذين يحاولون فقط الحفاظ على الحياة وبين القوات الموالية لهذا الجانب أو ذاك.

غادر نصف السكان أو أكثر مدينة تعز عندما اتيحت لهم الفرصة، وتشير التقديرات الحالية أن المجموعة المتبقية من السكان يبلغ عددهم ما بين 200 إلى 600 ألف. ويضطر هؤلاء للبحث عن الماء والغذاء تحت خطر التعرض لاطلاق النار من جماعة صالح / الحوثيين من جهة والقصف الجوي من التحالف السعودي من جهة أخرى.

عدم إحراز أي من الطرفين في تعز لأي تقدم يطرح عددا من التساؤلات:
القوة العسكرية الرئيسية في دعم السلطة الشرعية يقودها قائد إصلاحي، مما يعني أنه من الإخوان المسلمين. ونظرا للعداء الذي تعلنه دولة الإمارات تجاه هذه المنظمة (على الرغم من أن السعودية قد توافقت وانسجمت مع التجمع اليمني للإصلاح)، فهل فشل التحالف في دعم قواته بشكل كاف؟ ولماذا يمكث كبار القادة العسكريين الإصلاحيين في عدن منذ أكثر من شهر؟ ولماذا تلقي قوات التحالف بالقليل جدا من المواد العسكرية عبر الجو إلى حلفائهم، ناهيك عن المواد الغذائية والإمدادات الطبية؟ هل هناك استراتيجية لاستنزاف قوات صالح / الحوثي بواسطة صراع طويل في منطقة لديهم فيها دعما شعبيا أقل مما كان لديهم في مرتفعات صنعاء؟

مفاوضات السلام

لم تحقق المفاوضات التي جرت في جنيف في ديسمبر أي شيء، وهو ماكان الجميع يتوقعه. ومنذ ذلك الحين، يحاول المبعوث الخاص للأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ الحصول على بعض الاتفاقات الأساسية استعدادا لجولة ثانية من المحادثات كان مقررا لها أن تبدأ منتصف يناير الجاري، ولكن تم تأجيل هذه الجولة إلى أجل غير مسمى. الإجراء الوحيد الذي تم الاتفاق عليه والأقل أهمية هو ما سمي بـ "تدابير بناء الثقة"، غير أنه لم يتم الافراج عن ثلاثة من كبار السجناء الذين يتحفظ عليهم الحوثيين / صالح، وهناك شكوك كبيرة حول السجين الرابع، زعيم التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، والذي يحتمل جدا أنه قد قتل. أما على الصعيد الدولي، فمن الواضح أن الجهود الرامية الى تسوية الوضع السوري قد أزاحت أزمة اليمن إلى أسفل قائمة الأولويات.

وبالتوازي مع الكوارث المنافسة في سوريا وغيرها، فقد أدى عدم وجود أحداث مذهلة على الأرض إلى محدودية التغطية الإعلامية عن اليمن. وكان التقدم "الإيجابي" الوحيد في التغطية الإعلامية هو التركيز على القلق المتزايد الناشئ عن تقديم المستشارين البريطانيين والأمريكيين الدعم التقني لتحديد أهداف الغارات الجوية لقوات التحالف وكذلك التوريد المستمر للاسلحة والذخيرة لقوات التحالف.

وبعد طول انتظار، جرى هذا الاستجواب في السلطة التشريعية من خلال الخبراء القانونيين وفي المجتمع المدني كذلك، مع التركيز على احترام القانون الإنساني الدولي بالإضافة إلى معاهدة تجارة الأسلحة التي دخلت حيز التنفيذ في بريطانيا في عام 2014، على الرغم من أن الولايات المتحدة قد وقعت عليها فقط ولم تصادق عليها بعد.

أما بالنسبة لنوعية الدعم الفني البريطاني والامريكي، فإنه قد قاد المراقبين إلى التساؤل عن كفاءة هذا الدعم أو تأثيره الحقيقي نظرا لتعرض أربعة مرافق طبية تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود للقصف في الأشهر الأخيرة بالإضافة إلى أكثر من 60 منشأة طبية أخرى تضررت جدا أو دمرت كليا، هذا بخلاف حالات أخرى من "النيران الصديقة".

ألقى أحدث تقارير لجنة العقوبات بالأمم المتحدة باللوم على التحالف لانتهاك القانون الإنساني الدولي عن طريق "استهداف المدنيين والأهداف المدنية ... بما فيها الحافلات، والمناطق السكنية المدنية، والمرافق الطبية والمدارس والمساجد والأسواق والمصانع ومستودعات تخزين الأغذية والبنية التحتية المدنية الأساسية الأخرى مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة والطرق والجسور المحلية".

هذه الصورة أثارت القضية بشكل ملحوظ وبرزت مطالب حزب العمل باجراء تحقيق مستقل في سياسة تصدير الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية والدور "الاستشاري" للعسكريين البريطانيين. وفي نفس اليوم أشارت رئاسة الوزراء إلى اتصال هاتفي بين كاميرون والملك سلمان جرى خلاله الحديث فيما يتعلق بالوضع في اليمن، وقالت "اتفق رئيس الوزراء والملك على ضرورة التوصل إلى حل سياسي مع وجوب احترام القانون الإنساني الدولي في جميع الأوقات ".

ماذا بعد؟

إذن، بالنظر إلى الجمود على أرض الواقع وغياب الانتصار العسكري في الأفق مع عدم وجود أي تقدم ملحوظ في المفاوضات، ما هي التوقعات بالنسبة لقوات التحالف التي تقودها السعودية؟ سيفعل معظم أعضاء التحالف أقل مافي وسعهم دون المساس بالدعم المالي الذي يحصلون عليه من دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.

هناك خلافات سياسية بين دولة الإمارات التي ترى أن تنظيم الإخوان المسلمين يشبه إلى حد بعيد الشيطان بعينة، وبين السعودية التي دعمت الإخوان المسلمين لفترة طويلة و توقفت مؤقتا عن دعم التنظيم خلال فترة الربيع العربي ثم عادت لتسوية العلاقة مع التنظيم، على الأقل في حالة اليمن، من خلال العمل مع التجمع اليمني للإصلاح، النسخة المحلية  لتنظيم الاخوان المسلمين. هذا وقد دفع الانخفاض الحاد في أسعار النفط النظام السعودي للوصول لعجز في الميزانية للمرة الأولى منذ عقود، كما أن الـ 200 مليون دولار التي تنقفها شهريا على الحرب تعد عاملا مساهما كبيرا.

الانتصار العسكري السهل والحاسم الذي كان متوقعا في مارس الماضي هو الآن أبعد من أي وقت مضى، وهو ماسيؤثر على القادة السعوديين الجدد وعلى خططهم من أجل الهيمنة المحلية بالإضافة لزيادة التحديات المحتملة ليس فقط داخل أسرة آل سعود ولكن إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى العديد من السعوديين الذين تأثرت ظروفهم المعيشة بخفض الدعم والضرائب الجديدة.

من قرأ التاريخ الحديث سيلاحظ ما حدث لآلاف المصريين ألذين تم ارسالهم إلى اليمن لدعم النظام الجمهوري في ستينات القرن المنصرم، وهو السبب الرئيسي الذي جعل مصر مترددة في ارسال قواتها لليمن هذه المرة.

من المستحسن أن يستذكر محمد بن سلمان وزملاؤه نصيحة جده ويبحثون عن طريق للخروج، وأفضل هذه الطرق هو إقامة نظام عادل ومنصف في صنعاء. وفي نفس الوقت يجب عليهم أن يظهروا بعض الاحترام للقانون الإنساني الدولي ووضع حد للغارات التي تقتل وتشوه المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، فضلا عن تدمير المنشآت الطبية والمدنية في جميع أنحاء البلاد. كما يتعين على حلفاء السعودية وأنصارها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة أن يثبتوا أنهم ليسوا عملاء و أدوات بسيطة للنظام السعودي.

http://www.juancole.com/2016/01/will-yemen-be-the-graveyard-of-the-new-saudi-empire.html
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

الخميس، 28 يناير 2016

التواطؤ البريطاني في اليمن، المنسية واليائسة، يجب أن يتوقف

ذي ناشيونال البريطانية - اسكتلندا
الخميس 28 يناير 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

الحياة في اليمن عبارة عن معركة يومية ضد الفقر والبنية التحتية المشلولة ونقص الغذاء والماء والأدوية - والقنابل بريطانية الصنع.

قبل دخول قوات التحالف بقيادة السعودية إلى النزاع في مارس من العام الماضي، كان ما يقرب من نصف السكان يعيش بالفعل تحت خط الفقر، وثلثي الشباب عاطلين عن العمل، والخدمات الاجتماعية الأساسية غير مستقرة.

حتى في تلك المرحلة، كانت التقديرات تشير إلى أن أكثر من 60% من السكان - 16 مليون شخص - بحاجة للمساعدة الإنسانية.

ولكن منذ بدء القصف، ساءت الأمور بشكل لا يمكن تصوره في الوقت الذي يشيح فيه العالم بنظره بعيدا.

حذر مكتب الصحة والسكان في محافظة مأرب في وقت سابق من هذا الاسبوع من انهيار وشيك لنظام الرعاية الصحية بسبب النقص الحاد في الأدوية.

واضطرت العديد من المنشئات لوقف علاج المرضى على الرغم من الحاجة الملحة والمستمرة لذلك.

كما نزح حوالي 2.5 مليون شخص وشردوا عن منازلهم في جميع أنحاء البلاد، وتم تصنيف 10 محافظات من أصل 22 محافظة بحالة "الطوارئ" في أواخر عام 2015 - وهي الحالة التي تبعد فقط خطوة واحدة عن "المجاعة" - كما توقفت جميع واردات المواد الغذائية في البلاد باستثناء نسبة ضئيلة.

وفي سياق الحديث، فقد كانت اليمن تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها الغذائية قبل بدء القتال.

يعاني الآن مليوني شخص من سوء التغذية الحاد من بينهم 1.3 مليون طفل، بينما يفتقر ثلاثة ملايين شخص إلى علاج أو خدمات وقائية نتيجة سوء التغذية بالإضافة إلى 7.6 مليون شخص مهددين  "بخطر المجاعة".

وفي الوقت نفسه، تم تقييد الواردات من الوقود المستخدم للإبقاء على إمدادات المياه، وأصبح أكثر من 19 مليون من السكان عاجزون عن الوصول الآمن لمياه الشرب النظيفة أو الصرف الصحي.

وإزاء هذه الأوضاع، تزدهر الأمراض - حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من تزايد خطر الوفاة أثناء الولادة كما أخذت الأمراض القابلة للعلاج والأمراض الوقائية في الارتفاع.

في نوفمبر، خلص تقرير للامم المتحدة إلى ما يقرب من 8900 بلاغ مؤكد عن انتهاكات لحقوق الإنسان، وهو مايمثل حوالي 40 انتهاك في اليوم الواحد.

إذا بدا أن الوضع محبط وحرج وشاق ولا يطاق وغير إنساني، فهو كذلك بالفعل.

غير أن المجتمع الدولي يتحاشى حاليا النظر في ذلك وفشل في التصرف -  محاولة الأمم المتحدة لجمع مليار جنيه استرليني لجهود الاغاثة والتي بدأتها في يونيو الماضي حققت بالأمس 56% فقط من اجمالي المبلغ.

نعم، يستطيع ديفيد كاميرون أن يقول أن مليار جنيه مبلغا كبيرا من المال - ذلك المبلغ هو بالضبط نفس المبلغ الذي تم توريده لخزينة المملكة المتحدة من مبيعات الأسلحة الى المملكة العربية السعودية في ثلاثة أشهر فقط.

الحرب في اليمن عمل تجاري كبير، وإذا كان تعامل كاميرون بشأن هذا الموضوع في مجلس العموم يحمل أي معنى، فهو أن هذه التجارة ليست هامة. هذه ليست منطقة بريطانية. هذا الصراع ليس بريطاني. هذه ليست حرب بريطانيا، وهو ما أكده كاميرون مرارا وتكرارا.

وإلى الآن، لاتزال بريطانيا متخندقة بأسلحتها وسياسييها والعاملين فيها في هذا الصراع وتتخذ موقفا معاديا، سواء أكان ذلك على مستوى المصنع أو غرفة العمليات أو داوننغ ستريت (مقر رئاسة الوزراء).

تحدثت صحيفة يمن بوست بالأمس عن "تلطخ أيادي الأمم المتحدة بالدماء نتيجة صمتها عن قتل أكثر من ألفين طفل" طوال 10 أشهر.

ذلك الصمت لا يمكن أن يستمر، ويجب أن يتوقف كاميرون عن فصاحته المشكوك فيها حين يقول "بأن الضربات الجوية تجعل بريطانيا أكثر أمانا".

http://www.thenational.scot/comment/the-national-view-the-uks-complicity-in-forgotten-desperate-yemen-must-be-challenged.12950
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

الأربعاء، 27 يناير 2016

توقفوا عن طمأنة السعودية التي تشكل تهديدا أسوأ من إيران على الشرق الأوسط.

بقلم: دوق باندو
معهد كاتو للدراسات السياسية - واشنطن
الثلاثاء 26 يناير 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

سافر وزير الخارجية جون كيري مؤخرا إلى الرياض لطمأنة المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى بأن الولايات المتحدة تقف معهم. أصر كيري على التأكيد بأنه "لم يتغير شيء" نتيجة للاتفاق النووي مع إيران.

علاقة واشنطن الطويلة مع الرياض كانت مبنية على النفط. لم يكن هناك أبدا أي هراء حول تشارك القيم مع السعودية التي تعمل بوصفها البديل المتحضر قليلا عن تنظيم الدولة الإسلامية. تحكم العائلة المالكة البلد وفق نظام شمولي يحظر المعارضة السياسية وحرية التعبير والحرية الدينية والاستقلال الاجتماعي.

حين كانت الولايات المتحدة تعتمد اعتمادا شديدا على النفط الأجنبي، كان يبدو أن القليل من التغاضي عن مبادئ أميركا يعد شيئا ضروريا. أما اليوم، فمن الصعب جعل قضية النفط مبررا "للعلاقة الخاصة" بين واشنطن والمملكة العربية السعودية. فسوق الطاقة العالمي يتوسيع وستصبح الولايات المتحدة قريبا أحد مصدري النفط. لايستطيع النظام الملكي البقاء على قيد الحياة دون أموال النفط وسيستمر في ضخه حتى مع انهيار الأسعار.

تعاملت واشنطن مع الرياض في السنوات الأخيرة كجزء لا يتجزأ من نظام الاحتواء ضد إيران. بالطبع كان الجزء الأكبر من "مشكلة طهران" صنيعة أمريكا: الإطاحة بالديمقراطية الإيرانية أدى في النهاية إلى إنشاء دولة إسلامية.

تضاعفت المخاوف عندما واجهت طهران بتحدٍ جيرانها السنة بالإضافة لإسرائيل وواصلت العمل في برنامج شاه النووي. وساهمت كوابيس الثورة الإسلامية التي اهتاجت في جميع أنحاء المنطقة على حث السعودية والأنظمة الحليفة للإرتماء في أحضان أمريكا.

غير أن الحجة في دعم العائلة المالكة السعودية قد أصبحت رثة للغاية، فالمملكة العربية السعودية قادرة على الدفاع عن نفسها، حيث جائت في الترتيب الرابع عالميا عام 2014  في الإنفاق العسكري الذي بلغ 81 مليار دولار، وهذا يمثل أضعاف النفقات العسكرية لإيران.

تعكس تهديدات الدمار مدى الضعف الداخلي البعيد عن متناول واشنطن، والمتمثل في أساليب القمع في المملكة وسوء المعاملة الخاصة للأقلية الشيعية، بما في ذلك اعدام رجل الدين نمر النمر، الذي دعى إلى المعارضة غير العنيفة لنظام الحكم الملكي.

من ناحية أخرى، يخلق الاتفاق النووي فرصة حقيقية من أجل التغيير في إيران. لن تكون العملية سريعة أو سهلة. مع ذلك، وعلى النقيض من السعودية، يوجد في إيران نقاش سياسي وتنوع ديني ومشاعر ليبرالية وإنتخابات (مرسومة بعناية لكنها حقيقية مع ذلك) .

مهما كانت الفوائد المزعومة من التحالف السعودي، فإن أمريكا تدفع ثمنا باهظا. الأول هو تكلفة توفير حراسة شخصية مجانية للعائلة المالكة.

ولهذا السبب شاركت الولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى وتركت حامية على الأراضي السعودية. وبناء على طلب السعوديين، تدعم واشنطن الحرب غير الشرعية في اليمن كما لاتزال ملتزمة رسميا بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد الذي يمثل أقوى الجيوش المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية الأشد خطورة.

تدوس السعودية على القيم الأمريكية خارج حدودها أيضا. حيث تساعد الرياض جارتها البحرين على قمع السكان الشيعة الذين يمثلون الأغلبية. كما تمول السعودية أيضا تدريس التعاليم الإسلامية المتطرفة في المدارس الدينية حول العالم.

وعلاوة على ذلك، دعم المال السعودي تنظيم القاعدة والأشخاص المنفذين لأحداث 11 سبتمبر. وعلى مايبدو، لاتزال السعودية تقدم الدعم الخاص والمماثل للعنف المتطرف.

على مدى السنوات القليلة الماضية أصبح سلوك الرياض أكثر ضررا على مصالح أميركا. يدفع النظام الملكي للإطاحة بالأسد في سوريا دون أن يقلق حول من أو ماالذي سيعقبه. وفوق هذا، حولت السعودية التمرد طويل الأمد في اليمن إلى صراع طائفي آخر.

بإعدامها للشيخ النمر، أشعلت السعودية فتيل الاحتجاجات الطائفية في البحرين وإيران والعراق ولبنان. وردت الرياض بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتقويض المفاوضات السياسية لحل الحرب الأهلية في سوريا.

بطبيعة الحال، فحقيقة أن الرياض تعد قوة مزعزعة للاستقرار لا يعني أن على الولايات المتحدة أن تحاول تغيير النظام في الرياض. ولكن يجب على واشنطن إيقاف الدعم المفرط للعائلة المالكة السعودية. وعلى وجه الخصوص، يجب على الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن الحرب غير الشرعية للسعودية في اليمن.

وبالإشارة إلى المصلحة الوطنية لأمريكا، "يحتاج البلدان (امريكا والسعودية) إلى علاقة جديدة و طبيعية أكثر. ينبغي عليهما أن يعملان معا عندما يكون ذلك ملائما، ويختلفان إذا اقتضى الأمر ذلك. وبيع السلاح الى الرياض دون الإلتزام بتوفير الحماية للعائلة الملكية".

والأهم من ذلك، يجب على واشنطن الاستمرار في إقامة علاقة أفضل مع طهران. يجب أن يعود التوازن للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

http://www.cato.org/blog/stop-reassuring-saudi-arabia-worse-threat-middle-east-iran
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com