جيمس كوسيك
صحيفة الإندبندت البريطانية
الجمعة 27 نوفمبر 2015
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
| يشكك مستشارو وزير الخارجية في قانونية بيع صواريخ متخصصة إلى المملكة العربية السعودية وما يترتب عليها من عواقب. |
أي نجاح عسكري في سوريا سينهار بسبب الأراضي الجديدة التي تساعد بريطانيا في تهيئتها وإنشاءها لتنظيم داعش الذي استغل عدم الاستقرار والدمار المدني الواسع الناتج عن أشهر من الحملة العسكرية التي تقودها السعودية لقصف اليمن. هذا ما أكده دبلوماسيون سابقون وكبار المحامون في وزارة الخارجية.
وعلى غرار التحذيرات التي تم توجيهها لحكومة توني بلير قبل الحرب على العراق، يتسائل مستشاري وزير الخارجية، فيليب هاموند، على نحو متزايد عن الوضع القانوني والنتائج المترتبة على سياسة البيع الخالية من أي استفسارات للصواريخ المتخصصة إلى المملكة العربية السعودية.
وقد قام تحالف دول الخليج السني الذي تقوده السعودية منذ شهر مارس الماضي بقصف اليمن وفرض حصار قسري على جميع منافذها. ويسعى السعوديون إلى إزاحة المتمردين الحوثيين وإعادة الرئيس اليمني المنفي، عبد ربه منصور هادي، إلى السلطة.
قتل الآلاف من المدنيين وأصيب مئات الآلاف نتيجة القصف العشوائي، كما أدى تدمير المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الرئيسية غير العسكرية إلى كارثة انسانية تقول الامم المتحدة أنها على مقربة من المجاعة.
تقول فرانسيس غاي، سفيرة بريطانيا السابقة في اليمن، للإندبندنت: " المجاعة والوضع الإنساني مأساوي. ولكن يجب أن نتحدث عن اليمن في سياق الأمن، لو تسائلنا أين هو المكان التالي الذي سيقصده تنظيم الدولة بعد أي نجاح تحققه أمريكا وفرنسا - والآن بريطانيا- في سوريا. فإن الجواب هو اليمن. داعش بالفعل قوية هناك. ونظرا لحالة عدم الاستقرار في اليمن، فقد قمنا بالفعل بخلق المساحة القادمة لداعش و المكان الذي سينسحب إليه أعضاء التنظيم الشاردين من سوريا.
تقديرات السيدة غي تتعارض بشكل مباشر مع تأكيدات رئيس الوزراء لأعضاء البرلمان في وقت سابق من هذا الاسبوع بأن الضربات الجوية ضد داعش في سوريا "ستجعلنا أكثر أمنا."
أخبر ديفيد كاميرون مجلس العموم أنه يجب على بريطانيا القيام بعمل عسكري ضد مركز داعش في قلب سوريا، ومن المتوقع أن يتم التصويت خلال أسبوع على تمديد عمليات القصف الحالي في العراق لتشمل أهداف داعش داخل سوريا. ولكن لم يكن هناك تقييم كاف للعواقب الناجمة عن القصف أو كيف سيتم قياس نجاح العمليات و ما إذا كان مقاتلي داعش سينتقلون ببساطة إلى بلد آخر غير مستقر مثل اليمن.
وعلى الرغم من أن تصريحات وزير الدفاع الفرنسي، جان ايفيس بأن القوات الجوية البريطانية يجب عليها أن تنقل المعركة "إلى قلب داعش" قد جاءت داعمة لتوجه رئيس الوزراء، إلا أن محامو وزارة الخارجية قلقون من أن أي تورط بريطاني في الحرب في سوريا سيلقي بالضوء على أماكن جديدة لتأثير داعش، مثل اليمن، بالإضافة لمشروعية مبيعات الأسلحة البريطانية.
يقول أحد كبار المستشارين القانونيين في وزارة الخارجية "يمكن وصف الوضع في اليمن بأنه صراع منسي أو مهمش. هناك شعور متنام داخل وزارة الخارجية في أننا بحاجة إلى تصويب الأمور في هذا الشأن. هناك عوامل حرب بالوكالة نتيجة اعتقاد السعوديين بأن إيران تدعم وتقف وراء النجاح النسبي للتمرد الحوثي. و اعترف وزير الخارجية أن بعض الأسلحة التي قدمتها بريطانيا للسعودية قد استخدمتها الأخيرة في اليمن. هل تأكيداتنا صحيحة أن هذه المبيعات تندرج ضمن اتفاقية معاهدة الأسلحة الدولية؟ الجواب للأسف غير واضح."
وردا على سؤال الإندبندنت في ما اذا كانت الحكومة تعتبر العلاقات مع السعوديين مهمة جدا للدرجة التي قد تتعرض معها للخطر عند طرح أسئلة محرجة عن قصف أهداف مدنية يمنية، يقول أحد مستشاري وزارة الخارجية "هناك العديد مثل إليزابيث ويلمزهورست في الوقت الراهن. لكن لا أحد يستمع إليهم".
وكانت اليزابيث ويلمزهورست، نائبة المستشار القانوني في وزارة الخارجية، قد استقالت عام 2003 بعد تشكيكها في شرعية الحرب على العراق دون قرار محدد من الأمم المتحدة.
وقال أوليفر سبراغ، مدير تجارة الأسلحة في منظمة العفو الدولية "هناك تعديل وقح للقواعد والمبادئ داخل وزارة الخارجية في الوقت الراهن. لايفترض بنا توريد الأسلحة إذا كان هناك مخاطرة في أنها قد تستخدم لانتهاك القوانين الإنسانية والمعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة التي ندافع عنها. من غير المنطقي أن يقول فيليب هاموند بأنه لا يوجد دليل على إساءة استخدام الأسلحة الموردة من بريطانيا، لذلك سنستمر في بيعها إلى أن نعلم أنه قد أسيء استخدامها ".
يتم توريد معظم الذخائر السعودية بواسطة الولايات المتحدة. كما تقدم الولايات المتحدة، وبمساعدة من بريطانيا، الدعم اللوجستي وعمليات التزود بالوقود جوا مع فريق معتمد من البنتاغون يقوم بتوفير المعلومات الإستخباراتية.
وقد اعتمدت إدارة أوباما هذا الشهر طلبا سعوديا بقيمة 1.29$ مليار دولار لتجديد مخزونها من الصواريخ المتقدمة.
ونظرا لاستغلال القاعدة في اليمن مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لحالة عدم الاستقرار المدني الناجم عن حملة القصف التي تقودها السعودية، يقول بعض المستشارين في واشنطن بأن "قواعد اللعبة التي يمارسها المحافظين الجدد عادت مرة أخرى" ويتضح ذلك في حجم الدعم الأمريكي المخصص للحد من أي نقد سعودي حيال الصفقة النووية الأخيرة التي ترعاها الولايات المتحدة مع إيران.
تقول منظمة العفو الدولي ومنظمات أخرى غير حكومية بما فيها هيومن رايتس ووتش أنه لا مجال للشك في أنه يتم استخدام الأسلحة البريطانية والأمريكية في حملة القصف التي تقودها السعودية في اليمن وأن بريطانيا تخاطر باتهامها بارتكاب جرائم حرب.
سمحت بريطانيا في يوليو بنقل صواريخ "بافواي 4" من القوات الجوية الملكية البريطانية إلى المملكة العربية السعودية، و أعطت وزارة الدفاع الضوء الأخضر لبريطانيا والسعودية لتبديل طلبيات الشراء من شركة رايثون البريطانية المصنعة للأسلحة.
وقد ضمن العقد الذي تبلغ قيمته ما يقرب من 200£ مليون جنيه استرليني تأمين مئات القنابل للقوات الجوية السعودية للعامين المقبلين. وتستخدم القوات الجوية البريطانية ونظيرتها السعودية صواريخ رايثون عالية الدقة على طائراتها المقاتلة الموردة من شركة باي-سيستم كالمقاتلة تايفون والمقاتلة تورنادو.
وقد ضمنت هذه الخطوة للسعوديين، الذين ينفذون عدة غارات يومية على أهداف داخل اليمن منذ تسعة أشهر، عدم نفاد مخزونهم نتيجة الإستخدام المكثف لهذه الأسلحة الدقيقة.
أصدرت منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش هذا الأسبوع أدلة جديدة ناتجة عن أبحاثها الميدانية الخاصة تؤكد تدمير مصنع في محافظة صنعاء لاعلاقة له بأي إنتاج حربي بواسطة صاروخ كروز بريطاني الصنع.
وقال ديفيد ميفام، مدير هيومان رايتس ووتش في بريطانيا، أن صاروخ جوي من انتاج شركة ماركوني البريطانية قد دمر المصنع وخلف قتيلا مدنيا من عمال المصنع. وقال ديفيد أن هذه الحالة فقط تمثل الأحدث ضمن " عدة حالات موثقة جيدا لانتهاكات التحالف الخليجي لقوانين الحرب في اليمن . وهو مايواصل وزراء بريطانيا رفضهم الإعتراف به".
ويصف تقرير جديد صادر عن منظمة المعونة الطبية ومنظمة أطباء بلا حدود اليمن باعتبارها "دولة تحت الحصار" حيث تسقط القنابل على المستشفيات والمدارس كما تؤكد خروج مرض الملاريا وسوء التغذية عن السيطرة. وقد أدانت منظمة الصحة العالمية تفجير مستشفى أطباء بلا حدود في محافظة صعدة في شمال اليمن الشهر الماضي .
ومن المتوقع أن يعلن التقييم الإنساني القادم للأمم المتحدة عن مقتل ما يقرب من 5000 مدني مع حوالي 25000 جريح منذ بداية الحملة التي تقودها السعودية ضد الحوثيين.
http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/isis-britain-helping-create-territory-for-militant-group-in-yemen-as-they-take-advantage-of-saudi-a6751421.html