الاثنين، 16 نوفمبر 2015

لهزيمة داعش يجب علينا أن ندعو لمحاسبة القادة الغربيين والقادة المسلمين

بقلم: ليلى لالامي
مجلة ذ نيشن - نيويورك
الأحد 15 نوفمبر 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

وهذه المحاسبة تشمل الملوك السعوديين الذين يمولون مذهب الوهابية المتسبب في ويلات التطرف الإسلامي.

ما حدث في باريس في 13 نوفمبر حدث قبلها بيوم في حي تجاري في بيروت وحدث في سماء مصر في 31 أكتوبر وأيظا في مركز ثقافي في تركيا يوم 20 يوليو وكذلك حدث في منتجع شاطئي في تونس يوم 26 يونيو و يحدث كل يوم تقريبا في سوريا على مدى السنوات الأربع الماضية.

أصبح السيناريو الآن مألوفا لنا جميعا. تظهر الأنباء عن عمليات القتل على شاشات التلفزيون والقنوات الإذاعية، ستكون هناك صرخات رعب وحزن وعدد قليل من الهاشتاقات على تويتر وربما حتى تغيير صورة البروفايل في الفيسبوك وسيطلق قادتنا الوعود القوية بتقديم الإرهابيين إلى العدالة في الوقت الذي سيفرضون فيه قدرا أكبر من الرقابة على مواطنيهم. وبعد ذلك سوف تتواصل الحياة تماما كما كانت من قبل، باستثناء أسر الضحايا الذين سينقسم بهم الزمن مابين قبل وبعد.

نحن مدينون لهذه الأسر من كل عرق أو عقيدة أو جنسية بما هو أكثر من الحزن وأكثر من الغضب. نحن مدينون لهم بالعدالة.

يجب علينا أن ندعو لمحاسبة داعش دين الفناء والموت الذي يرى العالم باللونين الأبيض والأسود مع عدم وجود ظلال رمادية بينهما.

يجب علينا أن ندعو لمحاسبة بشار الأسد الذي رد على المتظاهرين السلميين في ربيع عام 2011 بإرسال خراطيم المياه والدبابات العسكرية.

يجب علينا أن ندعو لمحاسبة حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإيران، وغيرها الكثير، التي قدمت الدعم والعون لطاغية بعد طاغية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذين تتسبب تدخلاتهم بخلق عشرة إرهابيين مقابل كل واحد يقتلوه.

يجب علينا أن ندعو لمحاسبة جورج بوش وديك تشيني اللذان زعزعا استقرار المنطقة بأسرها نتيجة غزو العراق في عام 2003 وحل الجيش العراقي لاحقا.

يجب علينا أن ندعو لمحاسبة ملوك السعودية، سلمان وعبد الله وفهد، الذين تسبب تمويلهم للعقيدة الوهابية في زيادة ويلات التطرف الإسلامي.

عندما كنت طفلة في المغرب، لم يخبرني  رجال الدين بما يجب علي القيام به، لم يقولون ماذا أقرأ أو لا أقرأ، ماذا أؤمن، وماذا أرتدي. وحتى لو كانوا فعلوا ذلك كنت أملك الحرية في عدم الإستماع. كانت مظاهر الإيمان أكثر وضوحا. لكن الأمور بدأت تتغير في الثمانينات من القرن الماضي التي شهدت ذروة الحرب الباردة ورأى فيها طغاة العرب فرصتهم.

حيث تمكنوا من البقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى وقمع المعارضين الذين كان معظمهم من اليساريين والعلمانيين من خلال تشجيع الجناح اليميني المتدين بموافقة ضمنية أو صريحة من الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين. وفي الفراغ الناجم عن هلاك اليسار العلماني في العالم العربي صعد الوهابيين مع موارد مالية غير محدودة وانتشرت أفكار الوهابية في جميع أنحاء المنطقة ولم يكن ذلك لأنها أفكار جديرة - فليست كذلك - ولكن لأنها كانت وما زالت تتلقى تمويلا جيدا. لا يمكننا هزيمة داعش من دون هزيمة اللاهوت الوهابي الذي أنجبها والقيام بذلك يتطلب إنفاق الكثير من الجهد والمال في الدفاع عن الأفكار الليبرالية.

أنا روائية. أقضي الكثير من وقتي في كل عام في إعطاء قراءات أو محاضرات اواجه فيها اسئلة لا تنتهي عن الإسلام والمسلمين والحروب التي تستهلك الشرق الأوسط الأن. أحاول فيها أن أشرح وأقتبس وأذكّر الناس بالتاريخ والسياسة وأمزج بهذا بعضا من الثقافة والفن في التاريخ الإسلامي. ولكن في كل بضعة أشهر، عندما يحدث هجوم إرهابي آخر، يبدو أن العمل الذي أقوم به لايجدي نفعا. ما الفرصة التى يملكها شخص مثلي مقارنة مع قوة شبكات ممولة جيدا؟

الصلب وقطع الرؤوس وتدمير التراث الثقافي الذي تمارسه داعش ليس شيء جديد. كل ذلك حدث ولا يزال يحدث في المملكة العربية السعودية أيضا. قطعت حكومة السعودية هذا العام رؤسا بشرية أكثر من تلك التي قطعتها داعش. تضطهد السعودية الشيعة والملحدين كما دمرت ببطء المواقع ذات الأهمية الثقافية والدينية القريبة من مكة المكرمة والمدينة المنورة. وبلامبالاة عالمية تقوم بقصف اليمن منذ سبعة أشهر. وعند كل ضربة يقوم بها الإرهاب نلاحظ تهربها وتملصها من المسؤولية، تساعدهم وتحرضهم على هذا الحكومات الغربية التي تشتري النفط من هؤلاء الطغاة وتبيعهم الأسلحة، في حين تتشدق هذه الحكومات بحقوق الإنسان.

لا أملك الصبر بعد الآن حيال الأشخاص الذين يدّعون أن المسلمين لا يتكلمون. إنهم يفعلون ذلك كل يوم. المسلمون هم الضحية الأولى لداعش والمقاومين الأساسين لها. إنها اهانة لمئات الآلاف من ضحايا المسلمين نتيجة الإرهاب أن يتم وضعهم في نفس الخانة مع المجانين الذين يرتكبون الإرهاب، فالحقيقة هي أن داعش تطلق العنان لعنفها العدمي ضد أي شخص سواء كان مسلم أو مسيحي أو يهودي. تصنيفهم للمؤمن أو الكافر مبني على أساس الإشتراك في دينهم.

أتمنى لو بإمكاني أن أقدم شيئا لضحايا العنف الإرهابي، ولكني مجرد كاتبه، الكلمات هي كل ما لدي. وكل ما أعرفه هو أنني أريد، من كل قلبي، الإحتفال والحفاظ على ما ترغب داعش في تدميره ألا وهو حياة متعددة الأعراق، متعددة الأديان ومتعددة الثقافات.

http://www.thenation.com/article/we-cannot-defeat-isis-without-defeating-the-wahhabi-theology-that-birthed-it/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق