الجمعة، 6 نوفمبر 2015

الحصار السعودي يهدد بمجاعة في اليمن

شيرين طرابلسي
أوبن ديموقراسي البريطانية
الجمعة 6 نوفمبر 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

أعلنت الجمعية الخيرية الملكية السعودية، الأسبوع الماضي، أنها ستقدم 244 مليون دولار لمساعدة اولئك المتضررين من أزمة إنسانية في اليمن. لكن في نفس الوقت، يهدد الحصار المستمر والمفروض من قبل قوات التحالف التي تقوده السعودية بالتوازي مع تصاعد العنف بانزلاق البلاد نحو المجاعة.

بدأ الحصار الاقتصادي، والذي فُرِضَ في الأصل بغرض وقف الإمدادات الإيرانية من الوصول إلى المتمردين الحوثيين، في شهر مارس 2015، بدعم خمس من أصل ست دول في مجلس التعاون الخليجي. كانت سلطنة عمان هي الاستثناء الوحيد.

هذا التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول أيضا عن الضربات الجوية التي تستهدف السكان بدعم من الاستخبارات الأمريكية. وقد أعربت المملكة المتحدة عن دعمها ومساندتها للهجوم الذي تقوده السعودية، بحسب تصريح فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني الذي قال "سندعم بكل الوسائل العملية المتاحة باستثناء المشاركة في القتال". ونتيجة لهذا، فإن جميع الأطراف المتورطة في الغارات الجوية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تدعم ضمنيا الحصار الاقتصادي.

ربما يكون الحصار قد نجح في وقف تدفق الإمدادات إلى المتمردين الحوثيين ولكن التكلفة غير مقبولة بالنسبة للسكان المدنيين. علينا أن نضع في الاعتبار أن الحوثيين يمثلون ما لا يقل عن ربع السكان اليمنيين، لذا حتى لو كان الحصار أكثر تصويبا واستهدافا، فإن حرمان ربع السكان من السلع الأساسية كالغذاء بغرض تجويعهم لايعتبر فقط تصرف غير عقلاني، لكنه أيضا غير إنساني. في أغسطس الماضي، قال برنامج الأغذية العالمي أن اليمن على بعد "خطوة واحدة" من المجاعة.

ذلك الحصار المفروض، ضرب اليمن بضراوة كونها بيئة شحيحة الموارد وتعتمد اعتمادا كبيرا على واردات الغذاء والوقود، حيث يتم استيراد 90% من المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز، وفقا لما أوردته منظمة أوكسفام. حتى قبل اندلاع الصراع الحالي، واجه أكثر من عشرة ملايين من اليمنيين الجوع كل يوم.

يمكن للمساعدة الإنسانية أن تفعل الكثير، لكن مهما كانت المساعدات المقدمة اليوم فإنها لن تطعم السكان للأبد كون اليمن تواجة أزمة اقتصادية حادة. يمثل القطاع الخاص والتجار في اليمن العامل الأساسي في استيراد وجلب الغذاء والدواء وغيرها، ولكن النشاط التجاري المتوقف تقريبا بالإضافة لتصاعد أعمال العنف تضع بالفعل قيودا على وصولها.

ونتيجة لذلك الحصار والصراع، يرتفع سعر الصرف بشكل كبير ويزيد من صعوبة تبديل الريال اليمني بالدولار، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار البنك المركزي اليمني. قام البنك المركزي حتى الآن بضمان سعر الصرف لاستيراد القمح ولكن إذا انهار، سيفلس التجار نتيجة كل البضائع  التي لم يتم صرفها ومقايضتها حتى الآن بالريال اليمني.

في ذات الوقت، تكافح المنظمات الإنسانية من أجل إيصال المساعدات. في الآونة الأخيرة، تم قصف مستشفى أطباء بلا حدود في شمال اليمن في ضربة صاروخية (نفت السعودية مسؤوليتها عن الهجوم). يعيق الحصار الاقتصادي أيضا تدفق المساعدات الإنسانية، لاسيما الأدوية، لأنه يتم الاعتماد على الشركات المحلية في جلب وتوزيع المساعدات. وأخيرا، الحصول على المساعدات لا يضمن أن يتم توزيعها بشكل عادل على مختلف المناطق والتي تكافح جماعات الاغاثة للوصول إليها.

يمكن أن يؤول الصراع، وما ينتج عنه من أزمة إنسانية، إلى عدة سيناريوهات. سأتناول هنا ثلاثة سيناريوهات مستقبلية وما الذي تعنيه بالنسبة للمدنيين في اليمن.

السيناريو الأول

يستمر الحصار، يتم استنفاد العملة الأجنبية بحيث لن يكون بمقدور الشركات المحلية جلب واردات للبلاد. يواصل التحالف الذي تقوده السعودية قصف اليمن ولكن النصر يبقى عابرا. يؤيد المجتمع الدولي التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية الحالية وإضفاء الشرعية على الغارات الجوية والهجمات.

سيؤدي هذا إلى انتشار الجوع على نطاق واسع، ويمكن حتى أن تحدث مجاعة. زيادة عدد اللاجئين والنازحين داخليا. حصول تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وربما حتى ما يسمى بالدولة الإسلامية،  على فرصة أفضل في تجنيد الشباب الذين ليس لديهم خيارات أخرى للبقاء على قيد الحياة، مع امتداد آثار ذلك إلى المملكة العربية السعودية وإلى ما أبعد منها.

السيناريو الثاني

يتم رفع الحصار نتيجة ضغوط دولية على التحالف السعودي. تبدأ الشركات في اليمن بالعمل مرة أخرى ببطء. يتم جلب واردات محدودة نتيجة الوضع الأمني. تتدفق المساعدات الإنسانية على نحو أكثر سلاسة، وخاصة الأدوية. يتناقص أعداد اللاجئين الفارين من البلاد.

نتيجة لذلك، سيبقى اليمنيون في أزمة ولكنهم لن يتضورون جوعا. سيكون هناك شباب أقل يئساً وبالتالي أقل عرضة لخطر الإستقطاب من قبل القاعدة وداعش. ستدرك قوات التحالف الذي تقوده السعودية أن النصر الكاسح غير وارد مما يدفعها للتفاوض. ستبقى الأزمة الإنسانية في اليمن ولكنها ستكون أكثر سهولة.

السيناريو الثالث

يتم رفع الحصار ودعم الاقتصاد اليمني والسماح للشركات في أن تعمل بطاقتها العادية. يمكن لسلطنة عمان، التي تحافظ حتى الآن على درجة من الحياد، التوسط في حل سياسي بين السعودية والحوثيين بالتوازي مع عودة لنتائج الحوار الوطني ومسودة الدستور و تتبنى دول الخليج خطة لإنعاش الاقتصاد في اليمن. وبالتالي سيحدّ هذا من الأزمة الإنسانية والتهديدات الأمنية في اليمن.

نحن حاليا على مسار أن يصبح السيناريو الأول حقيقة واقعة. الكمية المحدودة من المساعدات الإنسانية التي يتم إيصالها إلى المدنيين أمر حاسم وضروري، ولكنها ليست كافية. إذا ضغط المجتمع الدولي على التحالف لرفع الحصار بما يسمح للشركات اليمنية القيام بعملها فسيملك الشعب فرصة للبقاء والنجاة.

يتضور المدنيين اليمنيين جوعا نتيجة صمت المجتمع الدولي وقبوله باستمرار الحصار.

https://www.opendemocracy.net/arab-awakening/sherine-el-taraboulsi/saudi-blockade-threatens-famine-in-yemen

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق