الاثنين، 28 ديسمبر 2015

هل تستطيع عمان مساعدة السعوديين في حفظ ماء الوجه في اليمن؟

جورجيو كافييرو
صحيفة المونيتور - واشنطن
الإثنين 28 ديسمبر 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

بعد تسعة أشهر على إطلاق عملية عاصفة الحزم، وجد السعوديين أنفسهم مطوقين في مستنقع مهين، حيث أثبت المتطرفون مثل داعش أنهم المنتصرين الوحيدين في الحرب الأهلية في اليمن. كما تلقت المملكة انتقادات قوية من المنظمات المحلية والدولية لحقوق الإنسان، التي تتهم السعودية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين اليمنيين. وبوضع التكاليف الأخلاقية جانبا، فقد أدت الحملة العسكرية المكلفة أيضا إلى أزمة مالية في الرياض.

وفي ضوء فشل محادثات السلام في وقت سابق من هذا الشهر في سويسرا واستئناف القتال في شمال اليمن، يواجه السعوديون معضلة استراتيجية كبرى. ماذا إذا فشلت الجولة القادمة من المحادثات المقررة مطلع 2016 أيضا، هل ستستمر المملكة بتحويل الموارد إلى هذا المأزق الدموي، أم ستتراجع دون تحقيق أي من أهداف الرياض؟ في خضم يأسها من الخروج المشرف من اليمن، توجهت المملكة إلى جارتها عمان للتوصل إلى حل سياسي للأزمة المتفاقمة. في نهاية المطاف، قد تكون هذه الخطة الوسيلة الأكثر واقعية بالنسبة للرياض لحفظ ماء الوجه في اليمن.

السلطنة: الجسر الدبلوماسي

التقى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الشهر الماضي في مسقط نظيره العماني يوسف بن علوي لمناقشة مزيد من التعاون بين الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق اليمن. داعيا الى "دبلوماسية هادئة"، وقال علاوي ان سلطنة عمان تسعى "لحلول سياسية طويلة الأمد" ناجمة عن "التقارب بين جميع الأطراف". وعلى الرغم من أن انهيار الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في يناير قد أثار ردودا مختلفة جوهريا بين مواقف المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، إلا أن علوي قال ان الرياض ومسقط قد "وافقتا على النظر إلى الأمام وتجاوز الماضي".

كانت عمان الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي لم تنضم إلى عملية عاصفة الحزم. الاستجابة الناضجة بعيدة النظر لعمان عقب استيلاء الحوثيين على صنعاء أكدت إدراك مسقط للتاريخ اليمني، حيث لم يكن هناك قوة مقاتلة في أي وقت مضى قادرة على السيطرة على البلد بأسرها. يتطلب حل النزاع في اليمن اتفاقا لتقاسم السلطة يكون فيه لجميع الاطراف صوت على الطاولة، وليس حملة عسكرية تهدف الى سحق حركة التمرد الحوثي. وتحقيقا لهذه الغاية، حافظت مسقط على حيادها طوال فترة الصراع والتزمت بدفع محادثات السلام قدما.

منذ إطلاق عملية عاصفة الحزم، استضافت عمان ممثلين عن العديد من الفصائل في الحرب الأهلية. و في مايو، عقد مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية محادثات سرية في مسقط مع وفد الحوثيين، واجتمع ممثلوا الحوثي مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ومع مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أمّن المسؤولين العمانيين أيضا الإفراج عن المدنيين الغربيين المحتجزين في اليمن من قبل الجماعات المسلحة.

المصالح الوطنية العمانية

تسعي عمان نفسها للاستقرار على المدى الطويل في اليمن المجاور، وهذا هو ما يحفز مسقط لاجراء مزيد من المحادثات تشمل الأطراف المعنية بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. من وجهة النظر العمانية، فإن التهديد الذي يمثله الحوثيين وصالح الموالي لهم لا يشكل نفس التهديد الذي يراه زملائهم الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي. بدلا من ذلك، فإن القيادة العمانية أكثر اضطرابا بسبب التهديد الذي يشكله النزاع طويل الأمد على أمن محافظة ظفار في سلطنة عمان التي تقع على طول 187 ميل من حدودها مع اليمن.

تسبب الصراع الداخلي في تقسيم عمان قبل تولي السلطان قابوس الحكم في عام 1970. حيث حكمت عمان اثنتان من مراكز القوى هما الإمامة الإباضية في الداخل والسلطنة على طول الساحل خلال الفترة من خمسينات القرن التاسع عشر حتى خمسينات القرن العشرين. وبحلول عام 1959 تمكن والد قابوس بدعم بريطانيا من سحق التمرد الذي شنته الإمامة الإباضية واستطاع توطيد سيطرة السلطنة على كامل البلاد، بما في ذلك الاحتياطيات النفطية المكتشفة حديثا في الداخل. و في عام 1962، شنت جبهة تحرير ظفار - وهي جماعة أجنبية يرعاها متمردون ماركسيون عرفوا فيما بعد بالجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل - تمردا تمكنت الأسرة الملكية من القضاء عليه رسميا في عام 1976 بدعم من البريطانيين والإيرانيين والأردنيين.

ونظرا للتحديات التي يواجهها العمانيون و المرتبطة بمسألة توريث الحكم، يشعر المسؤولين في مسقط بعدم الاستقرار من إمكانية الجماعات في محافظة ظفار المهملة تاريخيا رفض شرعية استخلاف قابوس. وفي هذا السياق، فإن تشجيع التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية على طاولة الحوار يخدم المصالح الوطنية العمانية. إن إمكانية تسلل الجماعات المتطرفة إلى عمان وإثارة الاضطرابات، من خلال تأجيج مثل هذه التوترات التاريخية خلال الانتقال السياسي في البلاد، هي الخطر الذي تأخذه السلطات في مسقط على محمل الجد. لا تزال ذكريات الصراع بين الإمامة الإباضية والسلطنة وتمرد ظفار حية في أذهان كبار السن من العمانيين. اليوم، ومع ذلك، ليس هناك شك في أن المتطرفين الجهاديين في اليمن مثل داعش أصبحوا مدعاة للقلق أكبر بكثير من مقاتلي حقبة الحرب الباردة المتمثلين في جبهة ظفار الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل.

وعلى الرغم من أن السياسة الخارجية المستقلة لسلطنة عمان - التي تعمل خارج إطار دول مجلس التعاون الخليجي - كانت مصدر إزعاج للسعوديين في مناسبات سابقة، إلا أن المسؤولين في الرياض قد يكونوا ممتنين للحكمة العمانية التي جعلت مسقط تتجنب الانضمام إلى عملية عاصفة الحزم. إن عدم قدرة السعودية، وهي أغنى دولة عربية وأكبر مستورد للأسلحة في العالم، على هزيمة التمرد في أكثر المناطق افتقارا للخدمات داخل أفقر بلد عربي هو مصدر إذلال.

سيكون من الحكمة أن يستفيد السعوديون من الموقع الدبلوماسي الذي تقدمه عمان للرياض في هذا الظرف الصعب. استمرار هذا الصراع بالتأكيد لن يفيد المصالح بعيدة المدى للسعوديين واليمنيين أو العمانيين.

http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2015/12/oman-yemen-saudi-isis-gcc-arms.html#ixzz3vdMUrTFn
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

السبت، 26 ديسمبر 2015

واشنطن والسعودية تصبان الزيت على نار الجهاد العالمي

وكالة سبوتنك الروسية
الجمعة 25 ديسمبر 2015

ترجمة عبدالرحمن أبوطالب

دوّن المؤرخ والصحفي الأمريكي إريك زيوسي أن الجهاد المعاصر منشأه الوهابية السعودية (السلفية)، وتعاليم المذهب السني، مضيفا أن واشنطن تصب الزيت على نار الفتنة الطائفية الإسلامية.

في أربعينيات القرن الماضي، أنشأت واشنطن والسعودية تحالفا طويل الأمد يستند على تجارة النفط مقابل السلاح؛ وقد تعززت العلاقة مرة أخرى في عام 1973 بعد قرار ريتشارد نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب.

يسرد المؤرخ زيوسي في مقالته لمؤسسة الثقافة الإستراتيجية قائلا "مع قيام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1973 بفك ارتباط الدولار بالذهب، سرعان ما ارتبط النفط بالدولار (وأصبح الدولار العملة الإساسية لهذه السلعة العالمية). وكانت السعودية آنذاك تملك من الذهب الجديد الأسود أكثر مما يملكه أي بلد آخر".

يناقش المؤرخ الأمريكي صعود أسرة آل سعود مرة أخرى في القرن ال18، وكيف ارتبطت ارتباطا وثيقا مع العالم المسلم محمد بن عبد الوهاب. كان عبد الوهاب هو الذي صاغ مفهوم حركة طائفية سنية جديدة هي الوهابية.

وفي عام 1744 قطع كلا من محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب وعدا وأقسما يمينا بالعمل معا، وقررا تأسيس دولة تقوم على مبادئ الوهابية.

ومع ذلك، تم تقويض الخطة الطموحة للسعوديين في نشر التعاليم الجديدة من قبل الإمبراطورية العثمانية في حينه ولم يشارك العثمانيين الوهابيين في أفكارهم المتطرفة. ثم كان من سخرية الأقدار أن تنهار الامبراطورية العثمانية في نهاية المطاف و تظهر المملكة العربية السعودية للعالم في عام 1932.

كانت المملكة الجديدة واحدة من أفقر الدول في العالم حتى تم اكتشاف احتياطيات هائلة من النفط في منطقة الأحساء.

ولا حاجة للقول بأن الولايات المتحدة سارعت إلى إقامة اتصالات وثيقة مع النظام الملكي في الخليج. ففي عام 1941 بدأت شركة أرامكو (شركة النفط العربية الأمريكية) التي تسيطر عليها الولايات المتحدة بأعمال تنقيب وتطوير واسعة النطاق لحقول النفط السعودية.

وفي الوقت نفسه، واصلت المملكة العربية السعودية ترويج مفهومها الوهابي الموجه بشكل أساسي ضد جيرانها الشيعة في المنطقة. وغني عن القول أن حقول النفط الغنية وفرت لآل سعود فرصة فريدة لتحقيق أفكارهم السياسية والأيديولوجية.

و أصبحت المملكة العربية السعودية في ستينيات القرن الماضي ملجأ لجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة سنية أصولية أخرى طُرِدَت آنذاك من مصر.

ويواصل زيوسي في مقالته "بعد ذلك، قدم زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جيمي كارتر، نصيحته للرئيس كارتر في عام 1978 بإستيراد المقاتلين الموالين للسعودية أو" المجاهدين" (والذين عرفوا فيما بعد بـ" طالبان ) إلى أفغانستان التي كانت حليفة للإتحاد السوفيتي في حينه، من أجل خلق موجة من الإرهاب هناك يكون من شأنها استنزاف الموارد السوفياتية للحفاظ على الحليف الأفغاني المهم للسوفيت، وبالتالي المساعدة على اسقاط الاتحاد السوفياتي".

وبالنظر للعواقب الوخيمة للحركة الجهادية المتطرفة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، يبدو من المذهل بمكان أن بريجنسكي لم يندم أبدا على قرار واشنطن بتسليح وتدريب الأصوليين الإسلاميين.

وبحسب مقال زيوسي فقد قال بريجنسكي في مقابلة مع مجلة لو نوفيل أوبسرفاتور في عام 1998 "أندم على ماذا؟ كانت تلك العملية السرية فكرة ممتازة. ماهو الأكثر أهمية لتاريخ العالم؟ طالبان أم انهيار الإمبراطورية السوفييتية؟ أيهما أهم، بعض المسلمين المملوئين بالكراهية أم تحرير أوروبا الوسطى ونهاية الحرب الباردة؟".

يتم تغذية الأصولية الإسلامية من خلال التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية. ومع ذلك، يستمر مسعري الحروب الأمريكان في تجاهل حقيقة أن الحركة الجهادية تحولت في نهاية المطاف إلى تهديد عالمي.

يؤكد زيوسي "جهاد اليوم ببساطة هو الوهابية الممولة بالنفط والغاز والذي خرج عن نطاق السيطرة في البلدان غير الوهابية-السلفية".

ويدعو المؤرخ للإنتباه إلى حقيقة أن الممالك الخليجية يتم حكمها وفقا لتقاليد القرون الوسطى التي لا يوجد فيها شيء مشترك مع القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما لا تزال واشنطن والرياض حلفاء مقربين.

ويخلص زيوسي إلى القول "ما هو فريد من نوعه هو تحالف البترودولار السعودي الأمريكي، وهو تحالف يفرخ الحروب في سبيل الرب والجشع، ويمثل انتكاسة تفرض على كلا البلدين الأرستقراطيين ضخ تعصبهما الأعمى بكل ما أوتيا من قوة، تعصب الأرستقراطيين السعوديين ضد" الكفار "، وتعصب الأرستقراطيين الأمريكيين ضد الروس".

http://sputniknews.com/politics/20151225/1032312202/washington-riyadh-fuelling-global-jihad.html
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

حان الوقت لدول الخليج لمغادرة اليمن والتركيز على البرابرة الحقيقين - داعش.

اليستر سلون - ميدل ايست مونيتور - لندن
الثلاثاء 22 ديسمبر، 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

لماذا لا تستطيع الدول العربية أن تفعل كما يفعل الأفارقة عندما يتعلق الأمر بضبط  مشاكلهم الخاصة؟ كلتا المنطقتين تخلصت من الاستعمار. وكلتاهما تعانيان نسبيا من الفقر، على الرغم من أن الشرق الأوسط لديه الخليج وبعض أكبر الجيوش في العالم. يبدو أن الأفارقة هم الوحيدون القادرون حاليا على التعامل أمنيا مع الإضطرابات التي تواجههم. تشاد تساعد نيجيريا لمحاربة جماعة بوكو حرام، وكذلك تفعل بنين والكاميرون والنيجر. الحضور الغربي هزيل جدا،  بصرف النظر عن القوات الخاصة القليلة جدا بدعم من الفرنسيين والأميركيين، وبعض طائرات الاستطلاع بدون طيار أو غارة جوية في بعض الأحيان. وبالمثل، تم نشر عدد قليل جدا من القوات البريطانية لمحاربة حركة الشباب في الصومال، ولكن معظم الأعمال والمهام الثقيلة تتم من قبل إثيوبيا وبوروندي وأوغندا وسيراليون وجيبوتي وكينيا.

لكن دعونا نلقي نظرة على العراق وسوريا. أين دول الخليج؟ أين الأردن؟ أين مصر؟ أين تونس؟ المغرب؟ أين الدول العربية إجمالا؟ النهج الاستثنائي الذي تنتهجه الدول السنية بعدم التدخل لمواجهة داعش هو جريمة بطيئة الحركة ذات أبعاد مساوية. يبدو أن الغرض الوحيد لجامعة الدول العربية هو الصراخ في وجه إسرائيل، وليس لديها ما تفعله مع داعش. يخوض مجلس التعاون الخليجي حربه الخاصة الأنانية في الأساس والتي لا طائل منها في اليمن. وفي المقابل، يترك للغرب القيام بالحمل الثقيل، وهذه ليست استراتيجية مستدامة.

دعونا نكون صادقين مع اقتراب عام 2015 من نهايته. الناس الذين يعيشون تحت سيطرة داعش ليسوا أكثر أمانا مما كانوا عليه في عام 2014. لا تزال الجماعة تسيطر على مساحة كبيرة يبلغ عدد سكانها الملايين. لقد خسرت داعش بعض المدن، لكنها اكتسب مدنا أخرى. وبالنظر إلى الأعمال الوحشية التي ترتكبها داعش في الأراضي التي تسيطر عليها، فإن الوضع الإنساني طارئ وملحّ.

ينبغي القول هنا أن الوضع القياسي هو الجدل بأن بشار الأسد هو السبب وراء تسعة من أصل عشر حالات وفاة في سوريا، فلماذا إذن لم تضغط الحاجة الإنسانية الملحة بما يكفي لتبرير استخدام القوة العسكرية الغربية ضده؟ قد يكون الأسد أكثر خطورة ولكنه، شئنا أم أبينا، يحضى بدعم من إيران وروسيا. مما يعني ببساطة أنه لايوجد هناك حل عسكري لن ينطوي على حرب عالمية ثالثة. المطلوب في دمشق هو الحل السياسي، على الرغم من أن هذا الحل قد يكون ابعد احتمالا حتى مما يرغب ديفيد كاميرون في صناعته.

ومن ناحية أخرى، فإن الحل السياسي غير ممكن مع داعش. لقد تم التفاوض مع داعش عند الإفراج عن الرهائن، ولكن هذا هو المكان الذي يتوقف فيه الحديث. داعش تريد قتال. لا تريد التفاوض.

الوضع الطبيعي لما يجب أن يكون عليه ذلك الصراع هو أن لا يتم تسليم وإدارة المعركة وفق شروط الميليشيات المسلحة. يجب أن لا يشمل القتال على قوات من دول غربية وحلفائهم من غير العرب. ويجب أن تتوقف الضربات الجوية الغربية حتى تخطو الدول العربية خطوتها إلى ذلك الحد. تلك الغارات لا طائل منه وتؤدي إلى نتائج عكسية، ليس فقط في إضفاء الشرعية لأيديولوجية داعش، ولكن أيظا في قتل المدنيين دون داع. من الحماقة الإستمرار في إسقاط القنابل. تظاهرت القوات الجوية السعودية والأردنية والإماراتية في وقت سابق من هذا العام بأنها تشارك في قتال داعش، لكن هذه القوات هرولت في وقت لاحق بعيدا، لخوض معركتها الخاصة في اليمن. لقد وقف الغرب جانبا وسمح لهم بالرحيل مجسدا حالة مذهلة من الضعف السياسي.

لذلك، يجب فقط أن تأتي القوات البرية والطيارين في الحرب ضد داعش من العالم الإسلامي. ولأكون أكثر تحديدا، من العالم الإسلامي السني، وليس الشيعة. عند ذلك فقط سيتم الإثبات، وبشكل محرج، أن نبوءة داعش الكاذبة عن نهاية الزمان، خاطئة. سيتم تدمير مصداقيتها. كما ستضمحل أيظا تجربة بناء الخلافة بشكل ملحوظ، وهو أمر حاسم. لطالما عارض تنظيم القاعدة هذه الجهود، إذ كان يعتقد أنها كانت مهمة مستحيلة. فإذا برهنت داعش أن هذه الفكرة قابلة للتطبيق فإن الجماعات الجهادية الأخرى بالتالي ستنظم إليها. ومع ذلك، إذا تم اجتياح مسلحي داعش خلال أسابيع، وهو مايمكن انجازة إذا تم نشر قوة عسكرية سنية مناسبة، فسيتم إثبات خطأها.

كلما طال انتهاج الدول السنية سياسة اللامبالاة، كلما كان من الصعب حصول ذلك. لقد كانت هناك فرصة أخرى لـ "صحوة سنية" داخلية، لكن يبدو الآن أنها فاتت كون الأجهزة الأمنية لداعش التي وضعها الضباط البعثيين السابقين - والخبراء في هذه المسائل - تحكم قبضتها بشكل قاس وصارم في المكان. وخلافا للتصورات، إمدادات النفط هامة جدا لداعش ولكنها ليست بمثابة حياة أو موت بالنسبة لتمويلاتها المالية. فهي تملك تجارة واسعة في مجال تصنيع المخدرات، و"تأميم" شبكة الكهرباء والقطاعات الزراعية، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية أخرى. وتعد الضرائب إلى حد بعيد من أكبر مصادر الدخل لداعش، والتي يمكن أن ترتفع فقط في حال سيطرت داعش على مزيد من الأراضي. ولهذا يجب أن يتم انتزاع تلك الأراضي من داعش.

نحن لا نطلب من الدول الإسلامية القيام بهذا العمل من أجل حماية الغرب من الهجمات الإرهابية، والسماح لنا بالخروج من هذا الشرك. يجب أن نكون متشككين للغاية بشأن الزعم بأنه في حال تدمير داعش في الرقة فإن ذلك سيجعل الغرب أكثر أمنا.

نحن فقط نطلب منهم أن يفعلوا مثل الدول الأفريقية لحماية أشقائهم العرب في وقت الحاجة. هل هذا مطلب كبير؟ الجيوش والقوات الجوية من السعوديين والإماراتيين قد يفتقرون إلى الخبرة ولكن لديهم المعدات العسكرية، وهو ماضمنته لهم شركات الدفاع الأمريكية والبريطانية والفرنسية.

ورغم ذلك، فقد تم عرقلة وتكبيل الدول السنية في اليمن. هناك الآن وقف لإطلاق النار، ولكنه بالكاد قائم. حيث تشير مصادر في الرياض أن السعوديين يضغطون من أجل كسر وقف إطلاق النار. لايريد السعوديون أن تنتهي الحرب بشكل محرج لهم، لكنها ينبغي أن تنتهي هكذا؛ لقد كانت دائما حربا غبية لايمكن الفوز بها في كل الأحوال. لمواجهة قوة قوامها 100 ألف من الحوثيين في اليمن، فأنك بحاجة إلى ما يصل إلى 300 من القوات البرية؛ وهو ما لا تملكه الدول السنية. في حين أن المطلوب حاليا لمواجهة داعش هو حوالي 100 ألف جندي. يمكن فقط للدول السنية أن تسحب هذه القوة معا، وهو مايجب أن تفعله. لقد حان الوقت بالنسبة لهم لمغادرة اليمن والتركيز على البرابرة الحقيقيين في الشرق الأوسط. لقد حان الوقت للتركيز على داعش.

https://www.middleeastmonitor.com/articles/middle-east/22988-its-time-for-the-gulf-states-to-leave-yemen-and-focus-on-the-real-barbarians-daesh
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

الجمعة، 11 ديسمبر 2015

الحوثيين والسعوديين والجهاديين، حرب ثلاثية في اليمن لا تسير على ما يرام

الجمعة 11 ديسمبر 2015
صحيفة إيكونوميست - لندن

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

الحرب دائما تتسبب في موت ودمار غير مبرر، وهذا هو الذي يحدث في اليمن. أطاحت قوات المتمردون الحوثيون بالحكومة في العاصمة صنعاء في وقت سابق من هذا العام ولكنها بعيدة كل البعد عن هدفها المتمثل في حكم البلاد. والحكومة أكثر ضعفا وهشاشة في تلك المناطق التي تحتفظ بها أو التي تحررت من الحوثيين. والحملة العسكرية التي تقودها السعودية لإعادة عبد ربه منصور هادي، الرئيس الذي لا يحظى بشعبية، قد أضيفت فقط على المذبحة.

وفي وسط هذا، وفرت الدولة مرتعا خصبا لمجموعات مختلفة من الجهاديين. في السادس من ديسمبر، أعلن فرع الدولة الإسلامية عن مسؤليته عن الإنفجار الذي أودى بحياة جعفر محمد سعد، محافظ مدينة عدن الجنوبية. نجحت الحكومة مؤخرا في استعادة عدن من الحوثيين، ولكن جماعتها المسلحة والمختلطة من مقاتلي التحالف قد فشلت في تأمين المكان. المسؤولين الذين كانوا يأملون أن يحكموا من عدن خائفون جدا من القيام بأكثر من مجرد زيارات خاطفة للمدينة.

الجماعة الرئيسية التي تدّعي الآن حق الامتياز لتمثيل داعش في اليمن تعد جديدة نسبيا، ولكنها قامت بسلسلة من التفجيرات الانتحارية ضد كل من الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين. وقد ملأت هذه الجماعة الفراغ الذي خلّفه تراجع الإرهابيين السنة الموجودون منذ فترة طويلة في اليمن فيما يعرف بتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب.

لقيت العناصر الأكثر نفوذا الباقية في فرع تنظيم القاعدة حتفها في غارة جوية نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار استهدفت زعيم فرع التنظيم ناصر الوحيشي في يونيو الماضي. وعلى الرغم من أنهم الآن بدون قائدهم، إلا أن إنتهاء أمر الجهاديين لايزال بعيدا جدا. حيث استولت القاعدة في جزيرة العرب مؤخرا على اثنتين من المدن الجنوبية، بما فيها زنجبار، عاصمة محافظة أبين التي تبعد فقط 50 كيلومتر شمال شرق عدن.

وفي ما يزيد قليلا عن تسعة أشهر، اتجهت اليمن من السيء إلى الأسوأ. ويعتقد أن عدد القتلى قد تجاوز الآن الرقم 6000 والمواد الغذائية التي تعاني دائما من نقص في المعروض اصبحت شحيحة. كما دمرت الطرق والمدارس والمتاجر والمنازل نتيجة المعارك أو القصف الجوي الذي حولها الى ركام. يشكو عمال الإغاثة من أن تحذيراتهم لاتلقى آذان صاغية، وبأن التحالف الدولي يجعل الأمور أكثر سوء.

حيث صرحت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية في الثالث من ديسمبر الجاري أن السعوديين قصفوا إحدى عياداتها الصحية المتنقلة في تعز، ثالث مدينة في اليمن. وقد انتقدت وكالة الاستخبارات الخارجية الالمانية السعودية مباشرة في إشارة إلى الإحباط الناجم جراء الحملة العسكرية السعودية.

جميع الأطراف تحت ضغط الذهاب الى محادثات السلام التي تديرها الامم المتحدة في 15 ديسمبر، لكن احتمالات السلام قاتمة. لم تفض الجولات السابقة من هذه المحادثات إلى شيء. ولا توجد هناك أي مؤشرات على الرغبة في تنفيذ إجراءات حسن النوايا، كإفراج الحوثيين عن السجناء أو رفع الحصار الذي يفرضة التحالف على البلاد. لايزال القتال من أجل تعز مستمرا. يقول فارع المسلمي الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، وهي مؤسسة فكرية في بيروت "تعرف أطراف الحرب كيف تدمر الأشياء، لكنها لاتعرف كيف تحكم."

http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21679804-three-way-war-yemen-not-going-well-houthis-saudis-and-jihadis
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com