الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

تأثير الأنشطة «السرية» للإمارات في اليمن

بقلم: ديانا ألغول - ميدل إيست مونيتور - لندن
الاثنين 7 ديسمبر 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

أكدت المصادر الأخبارية في أمريكا اللاتينية وعلى مدى الشهرين الماضيين  أن هناك قوات كولومبية تقاتل في اليمن كجزء من الوحدات العسكرية التي تمثل الإمارات في التحالف الذي تقوده السعودية. حيث أعلنت صحيفة إلتيمبو في هذا الصدد عن وصول 100 جندي كولومبي إلى اليمن في أوائل أكتوبر وتبعهم أكثر من ذلك العدد.

وعلى الرغم من أن المصادر الإعلامية العربية عادة ما تكون سباقة في الإبلاغ عن المقاتلين الأجانب في اليمن، إلا أنها آثرت الصمت حيال هذه القضية على غير العادة. كما لم يخرج أيضا أي مسؤول يمني سواء في الرياض أو عدن ليؤكد أو ينفي صحة هذه التقارير وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يشككون في صحة هذه المزاعم.

ومع ذلك فقد سلط تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الكثير من الضوء على هذه القضية. حيث لم يكتفي التقرير بالتأكيد على وجود الجنود الكولومبين فقط، بل ذكر أيظا أن هناك جنود من بنما والسلفادور وتشيلي يقاتلون حاليا في اليمن. لم يتم نشر هؤلاء الجنود بإسم قوات التحالف الذي تقوده السعودية، دولة الإمارات هي فقط من قامت بنشرهم. وخلافا لما قامت به السعودية من نشر الجنود السنغاليين والمصريين والإثيوبيين والسودانيين بغرض تنظيم ومساعدة القوات اليمنية في الحملة العسكرية التي تستهدف الحوثي في ​​شمال ووسط اليمن، فإن نشر الجنود من أمريكا اللاتينية يهدف لاعتراض القاعدة والتهديد الجديد لداعش، وهو مايعني تمركزهم في جنوب اليمن.

وبغض النظر عن الخوض في مزيد من التفاصيل المستقبلية حول هذا الإنتشار العسكري، فإن هناك العديد من الأسئلة الهامة : ماذا سيكون دور هذه القوات في اليمن؟ ولماذا أمريكا اللاتينية؟ كيف ستؤثر على المقاتلين اليمنيين أو كيف سيعمل التحالف على نطاق أوسع؟

من المهم، قبل أي شيء، أن نفهم أن هذا القرار لم يكن عشوائيا. هناك سبب وراء ذلك. لقد حدى الشعور بعدم الأمان في دولة الإمارات، في بداية الربيع العربي،  بالمسؤولين الإماراتيين لإنشاء جيش من المرتزقة للمساعدة في اعتراض أي مشاعر ثورية قد تتسرب إلى داخل البلاد. وكان هناك أيضا تصورا لدى السياسيين داخل مجلس التعاون الخليجي بأن الربيع العربي سيسمح بالتغلغل الإيراني في العالم العربي. لذلك، خدم المرتزقة أيضا كحراس لحماية الحدود الإماراتيه من أي تهديدات خارجية. كما أن عدم الاستقرار في خليج عدن أيضا قد شكل سببا آخر نتيحة لتهديدات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وظهور شبح القراصنة الصوماليين.

الوضع يصبح أكثر إشكالا عند النظر في كيفية تشكيل هؤلاء المرتزقة. يعتبر إريك برنس، الرجل الذي ساعد في تشكيل هذا الجيش، شخصية مثيرة للجدل في قطاع الصناعة العسكرية. فقد كان أحد مؤسسي شركة بلاك ووتر، وهي شركة عسكرية أمريكية خاصة للاستشارات الأمنية كانت قد تعاقدت مع البيت الأبيض لإعداد المرتزقة للقتال نيابة عن الولايات المتحدة خلال غزو العراق.

وقد اضطرت الشركة إلى إعادة تسمية نفسها بعد الكشف عن جرائم الحرب التي كان المرتزقة يرتكبونها في العراق. بالذات بعد تلك الجريمة بعينها التي حدثت في 16 نوفمبر 2007 أثناء مرافقة قوات الشركة لأحد المواكب التابعة للسفارة الامريكية، حيث فتحت النيران في ساحة النسور مما أسفر عن مقتل 17 شخصا بينهم صبي يبلغ من العمر تسع سنوات. وقد أدى هذا الحادث إلى أن تختفي الشركة لعامين لاحقين لتعود بإسم جديد هو " إكسي للخدمات". انتقل إيريك برنس إلى أبو ظبي في عام 2010 وبموجب عقد قيمته 529 مليون دولار بدأ سرا في بناء جيش من المرتزقة قوامه 800 رجل لخدمة الإمارات. وقد نفى إيريك ذلك مرارا وتكرارا، ولكنه في حقيقة الأمر كان ينكر القيام بذلك بإسم شركة بلاك ووتر، التي لم يكن لها وجود في ذلك الوقت.

وبحلول عام 2013، تعالت الأصوات المتحفظة في كولومبيا نتيجة الخوف من أن 500 جنديا على الاقل قد غادروا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يمكنهم الحصول على مرتب أعلى. اليوم، تدفع الإمارات راتبا شهريا يتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار مقارنة مع 400 دولار يجنيها الجندي في كولومبيا. وعلى الرغم من أن إيريك برنس يزعم عدم مشاركته في هذه المرحلة وبأنه لاعلاقة  له بالمرتزقة في اليمن، لا يزال هناك سبب للقلق من أن تعيد هذه القوات تكرار جرائمها البشعة التي ارتكبتها ضد المدنيين العراقيين في اليمن.

وعلى الأرض، فإن القتال في اليمن معقد للغاية، وبدون الخبرة والذكاء والتدريب الكافي بالإضافة إلى غياب التعليمات الواضحة، سيكون من الصعب جدا على المقاتلين الأجانب تكييف أنفسهم مع الصراع. رغم ذلك، تكمن المشكلة الأكبر في شمال اليمن حيث تدور المعركة ضد الحوثيين في ظل عدم وجود جيش وطني موحد ومتماسك، وهو ماقد يسمح باحتمالية ارتكاب أخطاء تكتيكية على يد المقاتلين الأجانب.

محاربة تنظيم القاعدة ليست بذلك التعقيد، لأن التهديد الرئيسي لتنظيم القاعدة، وببساطة، يتركز في جنوب اليمن والوضع العسكري هناك ليس معقدا كونه يتوائم بالفعل مع جغرافية مكافحة الإرهاب التي تلقى فيها المرتزقة تدريباتهم.

لايمكن القول أن هذا القرار موضع ترحيب من قبل كل دول مجلس التعاون الخليجي. فالسعودية، التي على الرغم من كونها في تحالف مع الإمارات، قد أعربت عن عدم ثقتها بالإمارات بسبب علاقاتها مع الديكتاتور اليمني السابق علي عبد الله صالح. و أكدت الرياض مرارا وتكرارا شكوكها بأن أبوظبي لا تزال متحالفة مع صالح، وهو ما سبب الكثير من التوترات الدبلوماسية بين الطرفين. كما رفضت السعودية أيضا نشر القوات اللاتينية بواسطة الإمارات لأنها تفضل وجود القوات السودانية التي وصلت في أكتوبر وتحضى بالموافقة المباشرة من الرياض .

هذا لا ينعكس فقط على عنصر الثقة بين دولتين من دول مجلس التعاون الخليجي تقودان الحرب، ولكنه ينعكس أيظا على مجرى الصراع في اليمن. لايكمن الخطر على الإمارات في أنها فقط قامت، بشكل سري، بنشر جنود مرتزقة أنشأتهم شركة سيئة السمعة، ولكن الخطر أيظا في توسيع فجوة الانقسامات في الوقت الذي يحتاج فيه التحالف السعودي أن يكون موحدا قدر الإمكان. كما يعكس هذا أيضا طموحات الإمارات العسكرية في الشرق الأوسط. حيث استثمر الإماراتيون بكثافة في قدراتهم العسكرية التي تنمو بسرعة، ولكن من الواضح أنها تريد أن تفعل ذلك برفاهية تتمثل في وضعها أقل عدد ممكن من مواطنيها في مناطق الحرب الخطرة.

https://www.middleeastmonitor.com/articles/middle-east/22694-the-effect-of-secret-uae-activities-in-yemen
----------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق