الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

حان الوقت لدول الخليج لمغادرة اليمن والتركيز على البرابرة الحقيقين - داعش.

اليستر سلون - ميدل ايست مونيتور - لندن
الثلاثاء 22 ديسمبر، 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

لماذا لا تستطيع الدول العربية أن تفعل كما يفعل الأفارقة عندما يتعلق الأمر بضبط  مشاكلهم الخاصة؟ كلتا المنطقتين تخلصت من الاستعمار. وكلتاهما تعانيان نسبيا من الفقر، على الرغم من أن الشرق الأوسط لديه الخليج وبعض أكبر الجيوش في العالم. يبدو أن الأفارقة هم الوحيدون القادرون حاليا على التعامل أمنيا مع الإضطرابات التي تواجههم. تشاد تساعد نيجيريا لمحاربة جماعة بوكو حرام، وكذلك تفعل بنين والكاميرون والنيجر. الحضور الغربي هزيل جدا،  بصرف النظر عن القوات الخاصة القليلة جدا بدعم من الفرنسيين والأميركيين، وبعض طائرات الاستطلاع بدون طيار أو غارة جوية في بعض الأحيان. وبالمثل، تم نشر عدد قليل جدا من القوات البريطانية لمحاربة حركة الشباب في الصومال، ولكن معظم الأعمال والمهام الثقيلة تتم من قبل إثيوبيا وبوروندي وأوغندا وسيراليون وجيبوتي وكينيا.

لكن دعونا نلقي نظرة على العراق وسوريا. أين دول الخليج؟ أين الأردن؟ أين مصر؟ أين تونس؟ المغرب؟ أين الدول العربية إجمالا؟ النهج الاستثنائي الذي تنتهجه الدول السنية بعدم التدخل لمواجهة داعش هو جريمة بطيئة الحركة ذات أبعاد مساوية. يبدو أن الغرض الوحيد لجامعة الدول العربية هو الصراخ في وجه إسرائيل، وليس لديها ما تفعله مع داعش. يخوض مجلس التعاون الخليجي حربه الخاصة الأنانية في الأساس والتي لا طائل منها في اليمن. وفي المقابل، يترك للغرب القيام بالحمل الثقيل، وهذه ليست استراتيجية مستدامة.

دعونا نكون صادقين مع اقتراب عام 2015 من نهايته. الناس الذين يعيشون تحت سيطرة داعش ليسوا أكثر أمانا مما كانوا عليه في عام 2014. لا تزال الجماعة تسيطر على مساحة كبيرة يبلغ عدد سكانها الملايين. لقد خسرت داعش بعض المدن، لكنها اكتسب مدنا أخرى. وبالنظر إلى الأعمال الوحشية التي ترتكبها داعش في الأراضي التي تسيطر عليها، فإن الوضع الإنساني طارئ وملحّ.

ينبغي القول هنا أن الوضع القياسي هو الجدل بأن بشار الأسد هو السبب وراء تسعة من أصل عشر حالات وفاة في سوريا، فلماذا إذن لم تضغط الحاجة الإنسانية الملحة بما يكفي لتبرير استخدام القوة العسكرية الغربية ضده؟ قد يكون الأسد أكثر خطورة ولكنه، شئنا أم أبينا، يحضى بدعم من إيران وروسيا. مما يعني ببساطة أنه لايوجد هناك حل عسكري لن ينطوي على حرب عالمية ثالثة. المطلوب في دمشق هو الحل السياسي، على الرغم من أن هذا الحل قد يكون ابعد احتمالا حتى مما يرغب ديفيد كاميرون في صناعته.

ومن ناحية أخرى، فإن الحل السياسي غير ممكن مع داعش. لقد تم التفاوض مع داعش عند الإفراج عن الرهائن، ولكن هذا هو المكان الذي يتوقف فيه الحديث. داعش تريد قتال. لا تريد التفاوض.

الوضع الطبيعي لما يجب أن يكون عليه ذلك الصراع هو أن لا يتم تسليم وإدارة المعركة وفق شروط الميليشيات المسلحة. يجب أن لا يشمل القتال على قوات من دول غربية وحلفائهم من غير العرب. ويجب أن تتوقف الضربات الجوية الغربية حتى تخطو الدول العربية خطوتها إلى ذلك الحد. تلك الغارات لا طائل منه وتؤدي إلى نتائج عكسية، ليس فقط في إضفاء الشرعية لأيديولوجية داعش، ولكن أيظا في قتل المدنيين دون داع. من الحماقة الإستمرار في إسقاط القنابل. تظاهرت القوات الجوية السعودية والأردنية والإماراتية في وقت سابق من هذا العام بأنها تشارك في قتال داعش، لكن هذه القوات هرولت في وقت لاحق بعيدا، لخوض معركتها الخاصة في اليمن. لقد وقف الغرب جانبا وسمح لهم بالرحيل مجسدا حالة مذهلة من الضعف السياسي.

لذلك، يجب فقط أن تأتي القوات البرية والطيارين في الحرب ضد داعش من العالم الإسلامي. ولأكون أكثر تحديدا، من العالم الإسلامي السني، وليس الشيعة. عند ذلك فقط سيتم الإثبات، وبشكل محرج، أن نبوءة داعش الكاذبة عن نهاية الزمان، خاطئة. سيتم تدمير مصداقيتها. كما ستضمحل أيظا تجربة بناء الخلافة بشكل ملحوظ، وهو أمر حاسم. لطالما عارض تنظيم القاعدة هذه الجهود، إذ كان يعتقد أنها كانت مهمة مستحيلة. فإذا برهنت داعش أن هذه الفكرة قابلة للتطبيق فإن الجماعات الجهادية الأخرى بالتالي ستنظم إليها. ومع ذلك، إذا تم اجتياح مسلحي داعش خلال أسابيع، وهو مايمكن انجازة إذا تم نشر قوة عسكرية سنية مناسبة، فسيتم إثبات خطأها.

كلما طال انتهاج الدول السنية سياسة اللامبالاة، كلما كان من الصعب حصول ذلك. لقد كانت هناك فرصة أخرى لـ "صحوة سنية" داخلية، لكن يبدو الآن أنها فاتت كون الأجهزة الأمنية لداعش التي وضعها الضباط البعثيين السابقين - والخبراء في هذه المسائل - تحكم قبضتها بشكل قاس وصارم في المكان. وخلافا للتصورات، إمدادات النفط هامة جدا لداعش ولكنها ليست بمثابة حياة أو موت بالنسبة لتمويلاتها المالية. فهي تملك تجارة واسعة في مجال تصنيع المخدرات، و"تأميم" شبكة الكهرباء والقطاعات الزراعية، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية أخرى. وتعد الضرائب إلى حد بعيد من أكبر مصادر الدخل لداعش، والتي يمكن أن ترتفع فقط في حال سيطرت داعش على مزيد من الأراضي. ولهذا يجب أن يتم انتزاع تلك الأراضي من داعش.

نحن لا نطلب من الدول الإسلامية القيام بهذا العمل من أجل حماية الغرب من الهجمات الإرهابية، والسماح لنا بالخروج من هذا الشرك. يجب أن نكون متشككين للغاية بشأن الزعم بأنه في حال تدمير داعش في الرقة فإن ذلك سيجعل الغرب أكثر أمنا.

نحن فقط نطلب منهم أن يفعلوا مثل الدول الأفريقية لحماية أشقائهم العرب في وقت الحاجة. هل هذا مطلب كبير؟ الجيوش والقوات الجوية من السعوديين والإماراتيين قد يفتقرون إلى الخبرة ولكن لديهم المعدات العسكرية، وهو ماضمنته لهم شركات الدفاع الأمريكية والبريطانية والفرنسية.

ورغم ذلك، فقد تم عرقلة وتكبيل الدول السنية في اليمن. هناك الآن وقف لإطلاق النار، ولكنه بالكاد قائم. حيث تشير مصادر في الرياض أن السعوديين يضغطون من أجل كسر وقف إطلاق النار. لايريد السعوديون أن تنتهي الحرب بشكل محرج لهم، لكنها ينبغي أن تنتهي هكذا؛ لقد كانت دائما حربا غبية لايمكن الفوز بها في كل الأحوال. لمواجهة قوة قوامها 100 ألف من الحوثيين في اليمن، فأنك بحاجة إلى ما يصل إلى 300 من القوات البرية؛ وهو ما لا تملكه الدول السنية. في حين أن المطلوب حاليا لمواجهة داعش هو حوالي 100 ألف جندي. يمكن فقط للدول السنية أن تسحب هذه القوة معا، وهو مايجب أن تفعله. لقد حان الوقت بالنسبة لهم لمغادرة اليمن والتركيز على البرابرة الحقيقيين في الشرق الأوسط. لقد حان الوقت للتركيز على داعش.

https://www.middleeastmonitor.com/articles/middle-east/22988-its-time-for-the-gulf-states-to-leave-yemen-and-focus-on-the-real-barbarians-daesh
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق