بقلم: دوغ باندو
معهد كاتو للدراسات - واشنطن
28 أبريل 2016
ترجمة: عبدالرحمن مطهر أبوطالب
على الرغم من الشكوك التي برزت مؤخرا حول علاقة الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، إلا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما طار مرة أخرى إلى الرياض وسعى إلى "طمأنة" العائلة المالكة السعودية حول دعم الولايات المتحدة.
يجب على المملكة العربية السعودية أن تسأل نفسها: حلفاء من أجل ماذا؟ ويجب على الرئيس البدء في نقل علاقة واشنطن والرياض إلى مستوى أكثر طبيعية.
الأهم من ذلك، أنه ينبغي على الولايات المتحدة التخلي عن تقديم أي ضمانات أمنية للملكة، سواء كانت صريحة أو ضمنية. فإذا كانت المملكة العربية السعودية جديرة بالدفاع عنها، فعلى شعبها القيام بذلك. وفي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة اتباع نهج أكثر اتزانا في الحرب الباردة الايرانية السعودية والبحث عن فرص لسحب طهران بعيدا عن التطرف الإسلامي.
كانت علاقة أميركا مع المملكة العربية السعودية تستند دائما إلى النفط. لكن امدادات النفط إلى السوق آخذة في التوسع، بل حتى أن الولايات المتحدة تنتقل من مصاف المستهلكين إلى المصدرين. على أية حال، فإن النظام الذي ورث الحكم قد يببيعه لأعلى المزايدين.
من المفترض أن تعزز المملكة العربية السعودية من الاستقرار الإقليمي، لكنها تدخلت في البحرين لمنع النظام الملكي السني من القيام بإصلاحات لإحتواء الأغلبية الشيعية كما قامت بتمويل المتمردين الأصوليين في سوريا في محاولة للاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وتسعى كذلك لزعزعة استقرار النظام السياسي الطائفي الهش في لبنان.
الأسوأ من ذلك، أن الرياض حولت الصراع الداخلي الطويل في اليمن إلى معركة طائفية مدمرة مع إيران. منذ الاطاحة بالشاه عام 1979 تعاملت واشنطن مع المملكة العربية السعودية باعتبارها عائقا كبيرا أمام التوسع الإيراني. مع ذلك، يخلق الاتفاق النووي فرصا جديدة مهمة.
التغيير لن يأتي بسهولة أو بسرعة نظرا للمقاومة الشرسة في طهران حيال أي تغيير، لكن من المرجح أن تتطور إيران في اتجاه أكثر ليبرالية وديمقراطية مما هي عليه المملكة العربية السعودية. ستظل المخاوف الأمنية محيطة بالمملكة، غير أن لدى النظام الملكي مخاوف محلية أكثر من المخاوف الدولية.
المملكة العربية السعودية رائدة في الحرب على الإرهاب، صوريا فقط. فقد مكن هجوم الرياض على اليمن من تنامي تنظيم القاعدة في البلاد. وعلاوة على ذلك، يتم توجيه الجهود المحلية "لمكافحة الإرهاب" داخل المملكة في قمع المعارضة أكثر من توجيهها للحد من العنف.
تقوم الرياض أيضا بتمويل التطرف الإسلامي في جميع أنحاء العالم. وبرغم أن النظام الملكي - على ما يبدو - لم يدعم الإرهاب بشكل مباشر، إلا أن المواطنين السعوديين يدعمون القاعدة بالتمويل والانضمام على حد سواء. رفضت إدارة جورج دبليو بوش الإفصاح عن 28 صفحة من التقرير الخاص بأحداث 11 سبتمبر تحوي تفاصيل الدعم السعودي الواضح للإرهاب. وكانت تسريبات ويكيليكس قد كشفت استمرار تدفق الأموال السعودية إلى الإرهابيين.
أخيرا، فإن المملكة لا تتشارك مع أمريكا قيم الديمقراطية أو غيرها من القيم. وفي أحسن الأحوال، تعتبر المملكة العربية السعودية النسخة البديلة الأكثر تحضرا بقليل عن تنظيم داعش.
أحدث تقارير منظمة فريدوم هاوس صنفت المملكة العربية السعودية كدولة "غير حرة" وقالت المنظمة أن المملكة وبكل بساطة تتعامل مع المعارضة السياسية باعتبارها جريمة. وذكرت هيومن رايتس ووتش أن "السلطات السعودية تواصل الاعتقالات والمحاكمات والإدانات التعسفية للمعارضين السلميين، حيث يقضي العشرات من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان عقوبات طويلة بالسجن بسبب انتقادهم للسلطات أو مناصرتهم للحقوق والإصلاحات السياسية".
الحرية الدينية أيضا لا وجود لها. فقد نوهت الوكالة الأمريكية للحرية الدينية أن "المملكة العربية السعودية لا تزال فريدة من نوعها في المدى الذي يحد من التعبير العلني عن أي دين آخر غير الإسلام".
وكما كنت قد أشرت في موقع فوربس على الانترنت فإن "المملكة العربية السعودية في الواقع تختلف قليلا عن الاتحاد السوفيتي. الدولتان من وجهة النظر العالمية عبارة عن دول شمولية متغطرسة. كلا النظامين قمعا الحرية الإنسانية في خدمة تلك الرؤى الشمولية، أحدها علمانية، والأخرى دينية. الفرق الرئيسي هو أن السعودية تشكل تهديدا أمنيا مباشرا لأمريكا، بينما تعارض الإتحاد السوفيتي أحيانا مع مصالح الولايات المتحدة بشكل غير مباشر".
لا شيء من هذا يمنع واشنطن والرياض من التعاون. ومع ذلك، يجب على الولايات المتحدة التوقف عن التصرف كالذي يستجدي.
استمرار حكم العائلة السعودية المالكة ليس حيويا لأمريكا. فالخطر الأكبر بالنسبة لواشنطن قد يكون المجازفة الأخلاقية في الدفاع عن هذا النظام وتشجيعه على مقاومة الإصلاحات اللازمة.
هل من الممكن أن تفقد الولايات المتحدة "النفوذ" نتيجة فك الارتباط؟ لقد أمضت أمريكا عقودا من الزمن محاولة إدارة المنطقة وهندستها جيوسياسيا فكانت النتائج كارثية. لنترك السعودية تنفق أموالها وحياتها من أجل التغيير.
أهدر الرئيس أوباما زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية في ممارسة السياسة كالمعتاد. تحتاج واشنطن إلى وضع مسافة بين الولايات المتحدة وشركائها الذين يؤثرون ضد مصالحها.
http://www.cato.org/blog/does-us-really-need-ally-saudi-arabia