بقلم: ويليام هارتونغ *
صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية
19 أبريل 2016
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
يجب على الرئيس أوباما عندما يزور السعودية هذا الأسبوع للاجتماع مع ممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي، أن يتجنب تكرار ما فعله في كامب ديفيد مايو الماضي، حيث وعدهم في آخر مرة التقى بهم بالمزيد من مبيعات الأسلحة. ومنذ استضاف السيد أوباما ذلك الاجتماع، باعت الولايات المتحدة ماتفوق قيمته 33 مليار دولار من الاسلحة الى حلفائها في الخليج الفارسي، ذهب الجزء الأكبر منها إلى المملكة العربية السعودية. وقد كانت النتائج قاتلة.
تمثل صفقات الأسلحة السعودية الأمريكية استمرارا للأعمال التجارية المزدهرة التي نشأت بين واشنطن والرياض خلال سنوات حكم أوباما. حيث عقدت الولايات المتحدة في السنوات الست الأولى من إدارة أوباما اتفاقيات لنقل ما يقرب من 50 مليار دولار من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، مع عشرات المليارات من الدولارات لمبيعات إضافية في طريقها للنقل.
تزعم وزارة الدفاع الأمريكية أن عمليات نقل الأسلحة هذه إلى المملكة العربية السعودية "تحسن أمن شريك هام كان ولا يزال قوة هامة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط". غير أن التصرفات السعودية الأخيرة تشير إلى خلاف ذلك.
تعد الحرب التي تقودها السعودية في اليمن أحد أبرز الأمثلة على مدى الخطأ الجسيم نتيجة نقل الأسلحة الأمريكية إلى الحكومة السعودية. فوفقا للأمم المتحدة، قتل أكثر من 3200 مدني منذ بدء القصف السعودي في مارس الماضي. وقد كانت غالبية هذه الوفيات ناجمة عن الغارات الجوية، وكثير منها نفذت بواسطة الطائرات والقنابل والصواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا للسعودية، بما في ذلك القنابل العنقودية الأمريكية الصنع.
استخدام القنابل العنقودية يثير قلقا من نوع خاص. وتعتبر هذه الذخائر ممنوعة بموجب معاهدة دولية، وهي المعاهدة التي لم توقع عليها الولايات المتحدة ولا المملكة العربية السعودية حتى الآن. كما تقوم الولايات المتحدة أيضا بتقديم الدعم اللوجستي للقوات الجوية الملكية السعودية لغاراتها الجوية في اليمن.
تقول إدارة أوباما أنها حثت السعوديين على ضبط النفس، ولكن لا يبدو أن هذا يجدي نفعا. فقد صرحت هيومن رايتس ووتش أن غارتين سعوديتين على سوق في قرية مستبأ اليمنية منتصف مارس قد قتلت 97 مدنيا على الأقل، بينهم 25 طفلا. كانت هذه الهجمات حلقة واحدة فقط من سلسلة الغارات السعودية على الأسواق والمستشفيات والأهداف المدنية الأخرى، وهي الهجمات التي تقول هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أنها قد تمثل جرائم حرب.
ولكن تبقى عملية بيع ونقل الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية موضع تسائل، ليس فقط لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان، بل لما يترتب عليها أيضا من عواقب استراتيجية سلبية. حيث فتحت عملية التوغل التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن الطريق أمام الجماعات الجهادية للحصول على الأراضي والنفوذ. واستطاع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أن يرسخ قدميه بقوة في مدينة المكلا، حيث تفيد التقارير أن التنظيم استغل تموضعه هناك لجمع أكثر من 100 مليون دولار من نهب البنوك وفرض رسوم لاستخدام مينائها المحلي.
يبدو أن السيد أوباما يدرك أن الدعم غير المحدود للسعوديين لن يؤدي إلا إلى جعل الوضع الأمني في الشرق الأوسط أكثر سوء. وفي المقابلة التي أجراها مع جيفري غولدبرغ من صحيفة الأتلانتك، اعترف الرئيس أن المنافسة بين المملكة العربية السعودية وإيران "قد ساعدت في تغذية الحروب بالوكالة والفوضى في سوريا والعراق واليمن"، وقال أنه يجب على الرياض وطهران أن "تتشاركا المنطقة وتقيمان نوعا من السلام البارد ". ولكن هذا لن يحدث إذا استمرت الأسلحة الأمريكية التي تقدر بمليارات الدولارات في التدفق إلى المملكة العربية السعودية من دون شروط فعالة حول كيفية استخدامها.
أحد الأعذار التي يتم طرحها لتبرير استمرار تدفق الأسلحة من الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية هو أن ذلك يوفر الطمأنينة للقيادة في المملكة من أن واشنطن لن تميل إلى الإيرانيين في أعقاب الاتفاق الذي تم التوصل اليه العام الماضي حول برنامج إيران النووي. ولكن إذا كانت سياسة الولايات المتحدة في البرهنة على التزامها حيال السعودية تقتضي دعم المبادرات القاتلة والمتهورة، مثل الحرب على اليمن، فإنها سياسة لا تستحق هذا الثمن.
هناك سبب آخر في كون صفقات السلاح مع السعودية لاتزال مستمره، وهو أنها منجم ذهب بالنسبة لصانعي الأسلحة الأمريكيين الذين يحتاجون إلى الأسواق الخارجية لتعويض انخفاض مستوى مشتريات البنتاغون. لكن لا ينبغي السماح للمخاوف الاقتصادية المحلية بتجاوز المصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط.
وقد تقدم السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي من ولاية كونيتيكت، والسيناتور الحمهوري راند بول من ولاية كنتاكي، بتشريع من شأنه أن يوقف عمليات نقل ذخائر جو-أرض إلى المملكة العربية السعودية حتى تقوم المملكة بتركيز جهودها في اليمن على مهاجمة المنظمات الإرهابية وتأخذ "كل الاحتياطات الممكنة للحد من خطر وقوع ضرر للمدنيين والبنية التحتية المدنية ". وهذا يعتبر بداية جيدة.
يجب على السيد أوباما أيضا استخدام رحلته للضغط على الملك سلمان من أجل الإلتزام والتقيد بوقف إطلاق النار الذي فرض مؤخرا في اليمن والموافقة على الإنهاء الدائم للقصف العشوائي الذي تنفذه المملكه هناك، كجزء من محادثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ويجب على الرئيس أن يوضح أن عمليات نقل القنابل والصواريخ الى المملكة ستتوقف إلى أن يفعل الملك سلمان ذلك. يجب أن تكون تلك هي الخطوة الأولى في إطار الحاجة الملحة لإعادة تقييم الآثار الأمنية المترتبة على المبيعات الغير محدودة من الأسلحة الى المملكة العربية السعودية.
* ويليام هارتونغ، هو مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، وأحد كبار مستشاري منظمة سيكوريتي اسيستانس مونيتور، وهي منظمة تعنى بتوثيق ومراقبة الدعم العسكري - بكافة انواعة - الذي تقدمه الولايات المتحدة حول العالم.
http://www.nytimes.com/2016/04/20/opinion/obama-saudi-arabia-trade-cluster-bombs.html?_r=0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق