الخميس، 14 أبريل 2016

هل تشكل إسرائيل تحالفا مع مصر والمملكة العربية السعودية؟

بقلم: بن كاسبيت *
صحيفة المونيتور الأمريكية
الخميس 14 إبريل 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

جاء إعلان مصر في 9 أبريل والذي نص على نقل اثنتان من الجزر، تيران وصنافير، إلى السيادة السعودية بمثابة مفاجأة كبرى للكثيرين في الشرق الأوسط. اسرائيل كانت هي البلد الوحيد الذي لم يتفاجأ. فقد صرح مسؤول رفيع المستوى في القدس لصحيفة المونيتور في 12 ابريل الماضي ان اسرائيل كانت على علم بالمفاوضات السرية. لقد منحت إسرائيل موافقتها على هذه العملية ولم تطلب بإعادة فتح اتفاق السلام مع مصر على الرغم من أن الاتفاق ينص على أن أي تغييرات إقليمية أو نقل للسيادة المصرية من الأراضي التي أعادتها إسرائيل إلى يد أخرى يشكل انتهاكا للمعاهدة.

لقد كانت المحادثات بين السعودية ومصر حول نقل هذه الجزر متواصلة منذ سنوات مع اعتراض إسرائيل الشديد على هذه الخطوة. حقيقة أن نقل السيادة قد اكتسب الآن الدعم الإسرائيلي تعكس عمق المصالح المشتركة بين الاطراف الثلاثة: القاهرة والرياض والقدس - على الرغم من أن المصريين والسعوديين يفضلون تسمية "تل أبيب" كعاصمة لإسرائيل بدلا عن القدس.

هذه استراتيجية جغرافية حقيقية ودراما دبلوماسية. هكذا قال رئيس الشين بيت السابق عضو الكنيست آفي ديختر عن حزب الليكود الذي صرح في 12 ابريل نيسان في مقابلة مع إذاعة صوت إسرائيل الاسرائيلية أن هذه الخطوة هي واحدة من الأحداث الدبلوماسية الأكثر أهمية وإثارة تحدث بين بلدين عربيين في الشرق الأوسط. كما أن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون كان قد تحدث في احتفالية صغيرة قبل عيد الفصح مع الصحفيين العسكريين وأكد أن إسرائيل، في الواقع، كانت قد وافقت على سير العمل بل انها حتى تسلمت وثيقة مكتوبة بهذا الشأن وموقعة من قبل جميع الاطراف. وقد أكدت الوثيقة على الحرية في استمرار إسرائيل في الملاحة في مضيق تيران الذي تقع فيه الجزيرتين الاستراتيجيتين، حيث وأن مضيق تيران يقود إلى منفذ هام في مدينة إيلات الساحلية الاسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، أشار يعلون إلى أن الأمريكيين قد شاركوا في المفاوضات وفي التوقيع أيضا على الاتفاق. وبهذا - يقول يعلون - تكون اسرائيل قد تلقت جميع الضمانات المطلوبة.

ووفقا لمسؤول أمني رفيع، تحدث لصحيفة المونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن يعلون أكد لرفاقه بأن التعاون الأمني ​​بين إسرائيل ومصر قد وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. تتشارك الأنظمة الأمنية في البلدين نفس المصالح. فالمصريون، على سبيل المثال، يساعدون إسرائيل على احتواء وتطويق حماس في غزة.

هذه الخطوة الأخيرة والمتمثلة في نقل سيادة اثنتين من الجزر إلى المملكة العربية السعودية، تكشف جزء من الحوار الذي تم تطويره بين إسرائيل وجيرانها السنة. المسؤول الأمني الإسرائيلي رفيع المستوى الذي تحدث لصحيفة المونيتور، أضاف بعض التفاصيل قائلا بأن علاقات إسرائيل في المنطقة عميقة ومهمة. لم تنس الدول العربية المعتدلة ماعانته في العهد العثماني، كما أن هذه الدول قلقة جدا حول تنامي قوة وتوسيع اثنتين من الإمبراطوريات غير العربية السابقة وهما إيران وتركيا. وبناء على هذه الخلفية، فإن العديد من اللاعبين الإقليميين يدركون أن إسرائيل ليست هي المشكلة، بل الحل. يبقى حوار إسرائيل مع بعض الدول السنية الكبيرة والمهمة حوارا تحت الرادار والمراقبه ولكنه في كل الأحوال، يتعمق ويثمر.

ماقام به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اثار انتقادات علنية حادة في مصر. حيث يرى خصوم الرئيس أنه بموجب الدستور المصري لايملك سلطة التخلي عن الأراضي المصرية، ولكن السيسي بعيد جدا عن هذا النقد نظرا لأن هذه الجزر تنتمي أصلا إلى المملكة العربية السعودية التي كانت نقلتهم إلى مصر في عام 1950 كجزء من الجهود الرامية إلى خنق إسرائيل من الجنوب ومنع قوات الدفاع الإسرائيلية من السيطرة عليها. شرعت إسرائيل في حربين (حرب سيناء عام 1956 وحرب الأيام الستة في عام 1967) لحقوق الملاحة في البحر الأحمر. استولت اسرائيل على هذه الجزر مرتين، ولكن بعد ذلك أعادتهم إلى مصر في المرتين. الآن تدور الأحداث دورة كاملة، ليعيد المصريون الجزر إلى صاحبها الأصلي، المملكة العربية السعودية. كانت هذه هي بادرة حسن نية من السيسي للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بعد أن التزم السعوديين بالإيفاء بالديون الاقتصادية للنظام المصري على مدى السنوات الخمس المقبلة ينفذ السعوديون بموجبه استثمارات ضخمة في مصر ويقدمون الدعم المالي لإنقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار.

وهناك جانب آخر متعلق بنقل المصريين الجزر إلى المملكة العربية السعودية، حيث طرحت في الماضي عدة مقترحات بشأن تبادل الأراضي الإقليمية بهدف حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. الفكرة من حيث المبدأ بسيطة، وتتمثل في ان تقوم مصر بتوسيع غزة جنوبا وإعطاء الفلسطينيين في قطاع غزة مساحة أكثر انفتاحا والتقاطا للأنفاس. وفي مقابل هذه الأرض، ستحصل مصر من إسرائيل على شريط ضيق على طول الحدود بين البلدين، ومنطقة النقب الصحراوية الإسرائيلية من سيناء المصرية. الفلسطينيين، في المقابل أيضا، قد ينقلون الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية إلى إسرائيل. يمكن أن تنظم الأردن أيضا إلى هذه المبادرة، حيث يمكنها أن تساهم بتقديم أراضي تابعة لها في مقابل حصولها على أراضٍ أخرى.  إلى اليوم، كان هذا النهج مستبعد بشكل قطعي من قبل المصريين في عهد حسني مبارك. ولكن يبدو الآن أن تناقل الأراضي أصبحت إمكانية قابلة للتطبيق في ظل الظروف الجديدة في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن فكرة تبادل الأراضي بين إسرائيل ومصر قد أعيد فتحها أيضا. في الماضي، ألهبت هذه الاحتمالات في تبادل الأراضي خيال الكثيرين في المنطقة. يومها، قاد الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي اللواء غيورا آيلاند مبادرة إقليمية بشأن هذا الموضوع. لكن تم عرقلتها بواسطة مصر.

ومع ذلك، ليست الطريق مفروشة بالورود. لا توجد معادلات بسيطة في الشرق الأوسط، وهذا ينطبق على هذه الحالة. في إسرائيل هناك أولئك الذين يشعرون بالقلق من تزايد النفوذ السعودي في مصر. وينعكس هذا في تأسيس المدارس الإسلامية الدينية المستوحاة من السعودية، وتنامي نوع التطرف السعودي السني في مصر. ولكن هؤلاء المتشائمين يعتبرون أقلية. "من المهم للسيسي الإستقواء والبقاء، فهو مفتاح الاستقرار في المنطقة بأسرها" هذا ماقاله المصدر الدبلوماسي الإسرائيلي الذي تحدث لصحيفة المونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته.

وفي ضوء الدور الباهت لأمريكا التي تنأى بنفسها عن المنطقة والبرود الذي لقيته مصر من واشنطن في السنوات الأخيرة، بات ينظر إلى المساعدة السعودية والدعم الإسرائيلي لمصر باعتبارهت مهمة جدا لاستمرار قبضة السيسي على النظام. ولتعقيد الوضع أكثر، يمكننا أن نضيف محاولات المصالحة بين إسرائيل وتركيا والتي لاتزال مستمرة منذ شهور طويلة في مفاوضات ماراثونية بين الجانبين.

وقال المسؤول الإسرائيلي رفيع المستوى الذي تحدث للمونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته، أن المصريين لا يريدون أن يروا الأتراك في قطاع غزة ويعارضون بشدة التقارب بين القدس وأنقرة. هذا هو السبب - وفقا للمصدر - في أن اتفاق المصالحة لم يكتمل بعد، كما أن هناك فجوات بين الجانبين. في الوضع الراهن، من الممكن أن يتقبل الأتراك والإسرائيليين حقيقة أنه لا يمكنهم التوصل إلى اتفاق كامل، وسوف يستقرون على التقارب الجزئي المتمثل في تبادل السفراء والتحسين المحدود للعلاقات، ليس أكثر . تجلس اسرائيل على معضلة شائكة، حيث تقف حائرة بين رغبتها في تطبيع العلاقات مع تركيا - والتي يمكن من خلالها أيضا تسهيل توقيع اتفاق لتزويد الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى تركيا بعد الكشف عن احتياطي الغاز الطبيعي قبالة الساحل الاسرائيلي في السنوات الأخيرة - وبين رغبتها في تعزيز التفاهمات الاسرائيلية-السنية الناشئة التي أصبحت حجر الزاوية الاستراتيجي في مجال الأمن القومي الإسرائيلي.

* بن كاسبيت، كاتب عمود إسرائيل في صحيفة المونيتور. وهو أيضا كاتب عمود بارز ومحلل سياسي في الصحف الإسرائيلية، وله برنامج إذاعي يومي وبرنامج تلفزيوني منتظم عن السياسة واسرائيل.

http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2016/04/israel-al-sisi-egypt-saudi-arabia-islands-transfer-alliance.html#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق