بقلم: إيما أشفورد *
مجلة تايم ماجازين الأمريكية
22 أبريل 2016
ترجمة: عبدالرحمن مطهر أبوطالب
عندما زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخليج هذا الاسبوع للاجتماع مع قادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، تبادر سؤال كبير في أذهان كثير من الناس عما إذا كان بإمكانه إصلاح العلاقات المهترئة مع الحلفاء الذين يصفهم علنا "بالمتسلقون".
غير أنه من الخطأ طرح هذا السؤال. فبدلا من ذلك، قدمت زيارة الرئيس فرصة للنظر في ما إذا كان ينبغي لنا أصلا إصلاح هذه العلاقات، وهل يعتبر دعمنا المستمر للسياسة السعودية التي تتسبب بشكل متزايد في زعزعة استقرار السياسة الخارجية، جيد فعلا لمصالح الولايات المتحدة.
لا يمكن إنكار أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية قد توترت في السنوات الأخيرة، حيث يعترف المسؤولين في كلا البلدين الآن صراحة بوجود شرخ في التحالف. ويمكن في الغالب أن نعزو تراجع العلاقة إلى اختيار إدارة أوباما بأن تنأى بنفسها عن الرياض. بالتأكيد، فإن النفور الواضح في مناقشة الرئيس مؤخرا للسياسة البالية والقمعية التي تنتهجها المملكة العربية السعودية في الداخل المحلي قد أضاف مصداقية لهذه الحجة، حيث أكد الرئيس على أنه "لا يمكن أن تعمل المملكة في العالم الحديث وهي تقمع نصف سكانها".
تتدهور حاليا العلاقة التي تم بنائها منذ أمد بعيد بين الولايات المتحدة والسعودية نظرا لتحول أو اختفاء العديد من المصالح المشتركة التي كانت تربط البلدين معا. فتزايد إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بالتوازي مع استمرار انخفاض أسعار النفط قد قلص من اعتماد أمريكا على التأثير السعودي في سوق النفط العالمي، في حين ألغى انهيار الاتحاد السوفيتي الحاجة إلى شريك قوي في الشرق الأوسط لمحاربة الشيوعية.
و حتى في قضية مكافحة الإرهاب التي لا تزال قائمة، فإنه على الرغم من وجود بعض التنسيق الفعال بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية منذ عام 2001، إلا أن هذا التعاون قد تقوض بشكل كبير بسبب استمرار السعوديين في نشر وتبني الأشكال المتطرفة من الإسلام، فضلا عن عدم رغبة المملكة أو عدم قدرتها على التصدي الفعال للدعم المالي الذي يقدمه مواطنيها للإرهاب.
في الحقيقة، يمكن ببساطة تفسير تخلي أمريكا الملموس عن التحالف مع السعودية باعتباره نوعا من السعي العقلاني وراء المصالح الاستراتيجية الخاصة بنا. الأمر ببساطة أننا اليوم لدينا مصالح تختلف في كثير من الأحيان عن المصالح السعودية، بعكس ماكان عليه الحال خلال الحرب الباردة. فعلى سبيل المثال، قد يكون الاتفاق النووي الايراني محبطا للمملكة العربية السعودية، ولكنه مع ذلك كان إنجازا دبلوماسيا كبيرا للولايات المتحدة ساعد على منع انتشار الخطر النووي في المنطقة.
وبالمثل، كان للسعودية مصلحة خاصة في رؤية نظام بشار الأسد صديق ايران وقد أطيح به في سوريا. غير أن الرفض الأمريكي للتدخل العسكري في سوريا لا يمثل في الواقع رفض السعودية، وإنما حسابات استراتيجية من جانب إدارة أوباما رأت أن إجراء كهذا من شأنه أن يقوض المصالح الأميركية في المنطقة.
وحتى مع وجود هذا الخلاف الاستراتيجي المتنامي بين البلدين، مازالت الولايات المتحدة غالبا تدعم العديد من الأهداف والإجراءات الإقليمية السعودية. حيث سلمت إدارة أوباما في العام الماضي وحده صفقة ضخمة من الأسلحة بقيمة 33 مليار دولار إلى الخليج. كما تقوم الولايات المتحدة بتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي في تحديد الأهداف للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، على الرغم من أن هذه الحملة تقوض عشر سنوات من عمل الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب ضد تنظيم القاعدة.
للأسف، اليمن ليست الحالة الفريدة، هناك العديد من الحالات الأخرى التي قد يتسبب فيها التقارب الوثيق لامريكا مع المملكة العربية السعودية في تهديد أمننا فعلا. في الواقع، إيران المنافس الاقليمي الرئيسي للمملكة العربية السعودية، هي الأخرى متهمة بشكل كبير بلعب دور في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. ونتيجة لهذا، فقد أدى ميل القادة السعوديين في عرض أي مشكلة سياسة خارجية من خلال عدسة هذا التنافس في السنوات الأخيرة إلى اتخاذ إجراءات تزعزع الاستقرار على نحو مماثل.
الإجراءات السعودية هذه لا تشمل فقط الكميات الهائلة من الأسلحة التي مرروها إلى مختلف المجموعات المتمردة خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية، بل تشمل أيضا تدخلهم في ما بعد أزمات الربيع العربي في اليمن والبحرين ومصر. وفي الآونة الأخيرة، عبرت الحكومة السعودية عن مخاوفها حول حزب الله من خلال سحبها لحزمة مساعدات بقيمة 4 مليار دولار من الحكومة البنانية التي تعاني مسبقا من الضعف السياسي وأزمة اللاجئين في المنطقة. وقد قامت السعودية بذلك التصرف متجاهلة مناشدات المسؤولين الامريكيين للنظر في الاحتمال الكبير لعدم الاستقرار في المنطقة في حال فشلت الحكومة اللبنانية.
دعمنا المثالي للمملكة العربية السعودية هو ما يسمح بهذا السلوك السيئ. فعلى سبيل المثال، من المشكوك فيه أن المملكة العربية السعودية كان بمقدورها التدخل الكارثي في اليمن لولا الدعم الفني الذي تقدمه الولايات المتحدة. ومن خلال تقديم هذا الدعم إلى المملكة، فإن صانعي السياسات الأمريكية قد قاموا بطريقة ما بتشجيع السياسة الخارجية السعودية العدوانية - والمعروفة بعقيدة سلمان - وهذا يسبب ضررا بالغا لاستقرار المنطقة، وبالتالي لمصالح الولايات المتحدة.
في نهاية المطاف، ستستمر خلافاتنا الاستراتيجية مع الرياض فقط في النمو، وهذه حقيقة لايمكن أن تغيرها زيارة الرئيس الوداعية للمملكة. من المرجح أن يؤدي ارتباطنا الوثيق على المدى الطويل مع المملكة العربية السعودية إلى تقويض دور أميركا في الشرق الأوسط، لا سيما اذا واصل السعوديون نهجهم الحالي في زعزعة الاستقرار على مستوى السياسة الإقليمية في المنطقة. وبالتالي، سيكون من الأفضل لقادة أميركا ان يتسائلوا فيما إذا كان ينبغي أصلا الحفاظ على العلاقة مع السعودية، بدلا من مناقشة كيفية إصلاحها.
* إيما أشفورد، باحث مشارك في معهد كاتو للدراسات.
http://time.com/4304763/u-s-ties-with-saudi-arabia/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق