الخميس، 31 مارس 2016

تغيرات في مسار الصراع اليمني

بقلم: تشارليز شميتز
معهد دراسات الشرق الأوسط - واشنطن
الثلاثاء 29 مارس 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

قبل أيام فقط من حلول الذكرى السنوية الأولى للحملة الجوية السعودية على اليمن يوم 26 مارس، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، ولد الشيخ، عن وقف لاطلاق النار سيبدأ في 10 أبريل تليه جولة ثالثة من المحادثات بين الفصائل اليمنية المتصارعة في 18 أبريل. وتحضى هذه الجولة من المحادثات بفرصة أفضل للنجاح من المحاولات السابقة. فقد أصر تحالف الحوثي وصالح طويلا على وقف إطلاق النار بشكل كامل ونهائي قبل المضي قدما في أي مفاوضات، حيث لم يتم التقيد أبدا باعلان وقف إطلاق النار خلال المحاولات السابقة من المحادثات ولم يحدث فيها اي تقدم. هذه المرة، أدت المحادثات المباشرة بين الحوثيين والسعوديين على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية ليس فقط لوقف إطلاق النار بشكل غير رسمي على طول الحدود اليمنية-السعودية والتي تم تعليقها، بل أدت أيضا إلى نوع من التطبيع تمثل في الفرق العسكرية المشتركة لنزع الألغام، وفتح الحدود بشكل محدود لعبور  الأشخاص والبضائع، كما لوحظ أن السعوديين كانوا قد أرسلوا في وقت سابق من هذا الشهر شحنة كبيرة من إمدادات الإغاثة إلى صعدة، معقل الحوثيين. وفيما يبدوا أنه قد يكون جزء من الصفقة، أصدر زعيم الحوثيين بيان بعد أسبوع طلب فيه من الإيرانيين عدم التدخل في الشؤون اليمنية. هذا التحول المفاجئ للأحداث في صعدة هو بالتأكيد موضع ترحيب، لكنه في نفس الوقت يثير أسئلة أكثر من الأجوبة حول مستقبل اليمن.

نهاية تحالف الحوثي وصالح؟

التسائل الأكثر إلحاحا الذي أثاره وقف إطلاق النار هو دور الرئيس السابق علي عبد الله صالح وتحالفه مع الحوثيين. فوقف إطلاق النار الغير الرسمي هو بين الحوثيين والسعوديين، وفقط على طول الحدود. حيث لا تزال المعارك الضارية مستعرة كثيرا في بقية اليمن.

من الذي كسب الحرب؟

يبقى التوازن الحقيقي للقوات العسكرية في اليمن غير معروف أيضا. حيث يقول أنصار هادي والتحالف السعودي أن قوات الحوثيين وصالح باتت قريبة من الهزيمة. تقترب القوات اليمنية في الصحراء الشرقية صوب صنعاء ببطء، ولم تشهد قوات الحوثيين وصالح تقدما ملحوظا، هناك فقط تراجع بطيء منذ بدأت الحملة السعودية. لكن كثيرين آخرين، بينهم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، يقولون ان صالح والحوثيين مستعدون جيدا لحرب طويلة في أرضهم ووسط مناطقهم الجبلية ضد تحالف منقسم وسيء التحضير للقوات اليمنية جرى جمعة وترقيعة تحت القيادة الغير كفؤة لهادي، وبأن السعوديين قد لحقتهم خسائر فادحة على طول الحدود.

الاقتتال الداخلي في تحالف هادي.

عدم قدرة القوات الموالية لهادي في تأمين تعز منذ الإستيلاء على عدن قبل ثمانية أشهر تقريبا قد يكون أيضا نتيجة للنزاعات في فصيل هادي .

حيث ظهرت ايضا السياسات المشاكسة لتحالف هادي في بيان بثه الرئيس الجنوبي السابق، علي سالم البيض، على شريط فيديو في ذكرى الحملة السعودية. قال فيه أنه إذا نجحت المفاوضات في التوصل إلى تسوية سياسية، وإذا هدأت المخاوف الأمنية للخليج، فلا بد من الاعتراف بالتطلعات الجنوبية الرامية إلى الاستقلال عن الشمال.

تركيز جديد على تنظيم القاعدة وداعش؟

كانت الولايات المتحدة تستهدف في السابق قادة تنظيم القاعدة فقط، لكن الهجوم على المكلا يشير إلى تكتيك جديد يستهدف الهجوم على البنية التحتية وجنود المشاة التابعين للتنظيم.

لم يتم مهاجمة القاعدة خلال الحملة الجوية السعودية، حيث زعم القادة السعوديين أنه سيتم التعامل مع القاعدة في وقت لاحق، وذلك عندما تكون هناك حكومة شرعية في صنعاء. غير أن توسع تنظيم القاعدة وعدم قدرة حكومة هادي على تعزيز السيطرة أو حتى التماسك السياسي في أي مكان في الجنوب، يبدو أنه قد قاد السعوديين إلى إعادة النظر.

إذا كان هناك مصداقية في ادعاءات البيض، فقد استطاع الرئيس عبد ربه منصور هادي التغلب عليه بأن جعل إدعاءه بأن اليمن وبعد عام كامل من عمليات التحالف اصبحت أكثر أمنا، إدعاء أقل مصداقية من إدعاء البيض إلى حد بعيد. فنتيجة للمخاوف الأمنية، أصبح هادي لاجئ في الرياض يقوم بزيارة اليمن في مناسبات نادرة يكون فيها سجينا في قصر المعاشيق الذي يخضع لحراسة مشددة في عدن. وانطلاقا من المخاوف الأمنية، يبدو أن السعودية والإمارات قد خلصتا إلى أنهما تحتاجان لتحويل تركيزهما من الحرب ضد الحوثيين وصالح إلى الحرب ضد داعش والقاعدة. هادي قد يكون الخاسر الأكبر في المحادثات. يتمسك السعوديون بهادي لأنه يمثل خيط رفيع من الشرعية السياسية، ولكن اذا كانت المحادثات بين السعوديين والأطراف الأخرى في اليمن هي الأساس في وقف إطلاق النار، فلن تكون هناك حاجة إلى هذا الخيط الرفيع. وعلى أقل تقدير، سيصبح هادي رئيسا رمزيا للدولة لفترة قصيرة ريثما يقوم الناس من خارج حكومته بتحديد مستقبل اليمن.

http://www.mei.edu/content/article/yemen%E2%80%99s-conflict-changes-course

الأربعاء، 30 مارس 2016

وجهة نظر الجارديان في حرب اليمن: عام من الخزي.

افتتاحية صحيفة الجارديان البريطانية
الثلاثاء 29 مارس 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

في الذكرى السنوية الأولى للحرب التي دمرت اليمن، تظاهر الآلاف نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة صنعاء للاحتجاج ضد التحالف الذي تقوده السعودية والذي ينفذ غارات جوية يومية أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين. انطلق التدخل العسكري في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وحلفائها في  مارس 2015 لهدفين رئيسيين هما اعادة الرئيس المخلوع هادي ودفع المتمردين الشيعة الحوثيين للخروج من العاصمة. مضى عام كامل ولم يتم تحقيق أيا من هذه الأهداف.

خروج هذا العدد الكبير من الناس الى الشوارع في بلد كهذا مزقته الحرب هو حدث يحمل في طياته الكثير عن مدى اليأس الذي وصل إليه اليمنيين. لقد كانت مظاهرة اليمنيين رسالة إلى العالم الخارجي الذي ينظر نحو اليمن بلامبالاه مطلقة. حيث اضطر أكثر من 2.4 مليون شخص للنزوح عن منازلهم ولقي 6000 مصرعهم، نصفهم من المدنيين، بالإضافة إلى أن 80% من السكان يحتاجون للمساعدة الإنسانية. وكانت اليونيسيف قد صرحت يوم أمس أن مئات الآلاف من الأطفال اليمنيين يواجهون سوء التغذية. كما أن النقص الحاد والشديد في الغذاء والكهرباء يزداد سوء بسبب الحصار الذي يفرضة التحالف السعودي على أجزاء من البلاد. علاوة على قيام كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب.

أصبحت اليمن ساحة حرب بالوكالة نتيجة التنافس الجيوسياسي الممتد في الشرق الأوسط بين إيران والمملكة العربية السعودية. ونتيجة لهذا السبب، ستمثل هذه الحرب خطرا متصاعدا ما لم يتم اتخاذ إجراءات دولية محددة حيالها. لقد أثمرت قليلا محاولات الأمم المتحدة للتوسط في محادثات السلام، واستقرت الآمال الآن على إمكانية وقف إطلاق النار في 10 ابريل المقبل. يجب بالتأكيد أن تكون هناك الآن إجراءات محددة تنطوي على قيام الداعمين الدوليين بالضغط على التحالف السعودي ودعوة طهران لضبط النفس.

منذ سنة وحتى الآن، واصلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا السماح بتصدير الأسلحة للسعوديين على الرغم من انتهاكاتهم العديدة لقوانين الحرب في اليمن. هذه السياسة تجعل هذه الدول الغربية متورطة في بعض الجرائم التي ارتكبت، لأسباب ليس أقلها أنها لم تفعل شيئا لمحاولة وضع حد لهذه الجرائم. كما لم تدعم هذه الدول ايضا إنشاء لجنة دولية مستقلة لتقصي الحقائق والتي كان بمقدورها تسليط الضوء على الأحداث والمسؤوليات. بالإضافة إلى تجاهل هذه الدول للدعوات التي وجهتها منظمات حقوق الإنسان بحضر الأسلحة على المملكة العربية السعودية. وبما أن الأمم المتحدة مشلولة بشأن هذه القضية، كان من المؤكد أن هذا هو الوقت الذي يتعين فيه على الاتحاد الأوروبي التصرف، وهو بالفعل ما قدمه البرلمان الأوروبي الذي قرر حضر توريد الأسلحة للسعودية.

قد يبدو أن اليمن بعيدة وأنه يصعب فهم حربها. ولكن مثل هذا التفكير لايقدم شيئا على الإطلاق لمساعدة سكانها المحاصرين. لم تجذب الحرب في اليمن اهتماما عالميا كبيرا مقارنة بالصراعات الأخرى في الشرق الأوسط التي كان للكثير منها أثرا مباشرا وكبيرا على أوروبا. لم يعد من الممكن غض الطرف عن ما يحدث في اليمن ولا يمكن أن يدوم هذا التغاضي، ليس فقط لأن الجماعات الإرهابية الجهادية تحصل بشكل متزايد على موطئ قدم هناك مستفيدة من الفوضى الإقليمية من أجل تشكيل قاعدة لعمليات أبعد من ذلك، و ربما تمتد إلى أوروبا.

في نهاية المطاف، فإن حقيقة أن العديد من الحكومات الغربية قد وقعت بعمق في شراك الحرب تعني أنها يجب أن تكون مشتركة أيضا في عواقبها. قد لاتكون تصرفات الحكومات الغربية المتمثلة في دعم أحد أطراف الصراع بالسلاح هي السبب الوحيد للحرب التي تعتبر في الأساس حربا محلية وإقليمية. غير أنه لايمكن تجاهل تأثير هذه الأسلحة الغربية وغيرها من أشكال الدعم. وهنا تكمن إحدى السياسات الغربية التي من الممكن بل ومن الواجب تغييرها بسرعة قبل ان تصبح الامور أكثر سوء.

http://www.theguardian.com/commentisfree/2016/mar/29/the-guardian-view-on-yemens-war-a-year-of-living-shamefully

الثلاثاء، 29 مارس 2016

عام مضى، ولاتزال الحرب المروعة على اليمن مستمرة.

بقلم: دانيال لاريسون
الجمعة 25 مارس 2016
موقع اميركان كونزيرفيتيف الأمريكي

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب التي تقودها السعودية على اليمن، قامت صحيفة وول ستريت جورنال، بكل كرم ولطف، بمنح السفير السعودي منبرا لتكرار الدعاية الإعلامية لحكومته.

حيث كرر السفير كل الأكاذيب المعتادة وأنصاف الحقائق التي قالها السعوديون وحلفائهم على مدار العام الماضي. لم يؤدي التدخل في اليمن إلى "استعادة الاستقرار" على الإطلاق، بل أنه تسبب في عكس ذلك تماما من خلال تصعيد وتدويل الصراع اليمني الداخلي. كما أن دور إيران في الصراع ضل بسيطا على الدوام، لقد نصحت إيران الحوثيين بعدم الاستيلاء على العاصمة. ولأن الحوثيين لا يجيبون على طهران، فقد تجاهلوا هذه النصيحة. تأطير الحرب التي تقودها السعودية على أنها معركة ضد توسع النفوذ الإيراني يعتبر تشويها متعمدا لحقيقة التدخل من جانب السعوديين وحلفائهم، وقد نجح هذا التأطير المشوه في جعل العديد من الحكومات الغربية ترى بأن القصف بقيادة السعودية وغزو البلاد يأتي كرد فعل مبرر، بدلا من اعتباره عملا عدائيا وغير ضروري كما هي حقيقته.

كما ذكر السفير السعودي أيضا تنامي قوة تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، لكنه حرّف الأسباب وراء قدرتها على التجنيد والتوسع. ففي حين ركز السعوديين وحلفائهم على محاربة الحوثيين، إلا أنهم تجاهلوا القاعدة في جزيرة العرب وسمحوا لها بالاستيلاء على مزيد من الاراضي في جنوب البلاد. لقد أدت حملة "استعادة الاستقرار" إلى تمكين الجماعات الجهادية مباشرة، وتفيد بعض التقارير من هناك بأن القاعدة في جزيرة العرب نسقت أحيانا مع قوات على الأرض مدعومة من التحالف السعودي. ومع تصاعد التوترات الطائفية، قام السعوديون وحلفائهم بتأجيج المشاعر المعادية للشيعة، على الأقل منذ بدء الحرب.

بطبيعة الحال، لم يكن لدى السفير ما يقوله عن سقوط ضحايا من المدنيين خلال حملة القصف التي ينفذها التحالف، حيث قالت الامم المتحدة في عدة مناسبات أن هذه الحملة هي المسؤولة عن معظم الضحايا المدنيين في الحرب.

وقد دفع نمط الهجمات التي قام بها التحالف على أهداف مدنية بعض منظمات حقوق الإنسان إلى القول بأن التحالف الذي تقوده السعودية قد يكون مذنبا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ولهذا، كان السفير كاذبا بشكل فاضح حين قال:

"إن المملكة العربية السعودية تعمل مع حلفائها لاتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين والطواقم الطبية والمنظمات الإنسانية والصحفيين في اليمن".

لا شيء من هذا الكلام صحيح. فقد قصف السعوديين وحلفائهم "مرارا وتكرارا" أهدافا مدنية في أماكن لا توجد فيها أهداف عسكرية مشروعة. بل أنهم أعلنوا - بشكل غير شرعي - أن محافظة صعدة بأكملها تعد هدفا عسكري. ومنذ ذلك الحين، قصف التحالف المحافظة بشكل عشوائي مسببا آثارا مدمرة على السكان المدنيين هناك.

سيكون من الدقة أكثر أن نقول أن السعوديين وحلفائهم لم يتخذوا أي احتياطات لحماية أيا من المجموعات المذكورة في كلام السفير أعلاه، ومن المستحيل تفويت النتائج الرهيبة لهذا التهور.

كما أغفل السفير أيضا الإشارة إلى الأزمة الإنسانية الخطيرة الناجمة بشكل كبير عن الحصار الذي تفرضه قوات التحالف بقيادة السعودية على اليمن. عواقب ذلك الحصار شديدة وتزداد سوء كلما طال أمد الحرب.

الدور الذي يقوم به التحالف في تجويع السكان المدنيين وحرمانهم من الضروريات الأساسية نتيجة الحصار، هو احد أقل الجوانب التي حضيت بالتغطية والإنتباه في الحرب، مع أن هذا الجانب هو السبب في الضرر الأكبر على الشعب اليمني.

وبالنظر إلى الأدلة القوية على جرائم الحرب التي ارتكبها السعوديون وحلفائهم في اليمن، فإني لم اتفاجأ من أن السفير السعودي لا يريد أن يعترف بما قامت به قوات التحالف. لكن المثير للاشمئزاز أن يتم إعطاءه منصة بارزة في وسائل الإعلام الأمريكية لتعزيز دعاية حكومته. جرت العادة أن تتجاهل وسائل الإعلام الأمريكية الحرب، وهذا في حد ذاته أمر سيئ بما فيه الكفاية. ولكن الأسوأ من ذلك أنها حين تولي اهتماما لهذه الحرب فإن ذلك يكون فقط لإعطاء الحكومة السعودية فرصة لتكرار أكاذيبها.

لايوجد هناك جرم أكبر من إعطاء الحكومة السعودية منبرا لبث أكاذيبها إلا القرار المشين الذي اتخذته إدارة أوباما قبل عام بتوفير الوقود والأسلحة والمعلومات الاستخباراتية لمساعدة السعوديين وحلفائهم في حرب غير ضرورية ولا يمكن تبريرها. وعلى الرغم من وجود أدلة وافرة عن جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد قليل من الحكومات الغربية الأخرى واصلت تسليح التحالف ودعم جهودة. كان هناك العديد من الفرص منذ ذلك الحين لوقف دعم الولايات المتحدة للحرب، ولكن ذلك لم يحدث. وبدلا من ذلك، أشاد المسؤولون الأمريكيون بالحكومات المشاركة في التحالف وتفاخروا بأن الولايات المتحدة تقف معهم. يستمر دعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية على اليمن ليكون ذلك الدعم وصمة عار على بلادنا، وخصوصا على الرئيس الذي وافق على هذا الدعم وأجازه.

http://www.theamericanconservative.com/larison/one-year-on-the-appalling-war-on-yemen-continues/

الثلاثاء، 22 مارس 2016

التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن يقف وراء معظم الوفيات بين المدنيين

صحيفة سترايتس تايمز السنغافورية
السبت 19 مارس 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب - سبأ

جنيف - انتقدت الأمم المتحدة يوم أمس "المجزرة" التي سببتها الضربات الجوية الأخيرة من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن، وصرحت الأمم المتحدة ان التحالف مسؤول عن الغالبية العظمى من القتلى المدنيين في الصراع.

حيث أصدر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين بيانا عبر فيه عن غضب الأمم المتحدة حيال واحدة من أعنف الغارات الجوية على سوق في اليمن هذا الأسبوع، وقال "بالنظر إلى الأرقام، يبدو أن التحالف هو المسؤول عن ضعف عدد الضحايا المدنيين مقارنة بما تسببت به جميع القوات الأخرى مجتمعة، كل الضحايا فعليا هم تقريبا نتيجة للغارات الجوية".

وقال مكتب مفوضية حقوق الإنسان أن الأمم المتحدة أحصت مايقارب من 9000 شخص من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الصراع منذ أن بدأ التحالف الذي تقوده السعودية حملته الجوية في اليمن قبل عام، بمن فيهم 3218 قتيل.

وأدانت الأمم المتحدة ما أسمته "الفشل المتكرر لقوات التحالف في اتخاذ إجراءات فعالة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، ونشر الشفافية، وإجراء تحقيقات مستقلة في تلك الحوادث التي حدثت بالفعل".

وقد لاقت تصريحات السيد زيد صدى لدى الولايات المتحدة التي رحبت بالحديث عن انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية للتحالف.

و قال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست يوم الخميس "لقد أعربنا عن قلقنا إزاء الخسائر في الأرواح البريئة في اليمن. حيث أدى العنف الذي يعصف بهذا البلد إلى إزهاق أرواح العديد من المدنيين الأبرياء تحت وابل النيران".

وأضاف "نحن نرحب بالبيان الصادر عن المتحدث باسم قوات التحالف، العميد أحمد العسيري، الذي قال لوكالة فرانس برس أن التحالف في نهاية المرحلة القتالية الكبرى".

حيث قال العميد العسيري أن هذه المرحلة سيتبعها تثبيت الأمن ومن ثم إعادة الإعمار.

وكان السيد زيد قد انتقد الضربات الجوية لقوات التحالف التي "ضربت الأسواق والمستشفيات والعيادات والمدارس والمصانع وحفلات الزفاف ومئات المساكن الخاصة في القرى والبلدات والمدن."

وأضاف زيد "على الرغم من الكثير من المساعي الدولية، إلا أن هذه الحوادث المروعة لا تزال تحدث بانتظام غير مقبول"، وقال محذرا "من المحتمل أن نبحث في الجرائم الدولية المرتكبة على أيدي أعضاء التحالف".

وعبر السيد زيد عن إنذار محدد متعلق بغارتين جويتين استهدفتا هذا الأسبوع سوقا شعبيا في محافظة حجة التي يسيطر عليها المتمردون في شمال اليمن.

وكانت الامم المتحدة قد صرحت يوم الخميس ان عدد القتلى جراء تلك الضربات بلغ 119 قتيل، كما أفاد مكتب السيد زيد يوم أمس أن 106 من القتلى في ذلك السوق المزدحم هم من المدنيين، بينهم 24 طفلا.

هذا وكانت قوات التحالف التي تقودها السعودية قد تدخلت عسكريا في 26 مارس من العام الماضي لدعم الرئيس عبدربه منصور هادي بعد أن استولى المتمردون الحوثيون على أجزاء كبيرة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

http://www.straitstimes.com/world/middle-east/saudi-led-alliance-in-yemen-behind-most-civilian-deaths

لم يعد بمقدور المملكة العربية السعودية أن تخفي الحقيقة.

بقلم: تيري سترادا، غوردون هابرمان، كيرتس بروير *
الخميس 22 مارس 2016
موقع هافينغتون بوست الأمريكي

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

لازالت الجهود المثيرة للشفقة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لإقناع الرأي العام الأميركي بأنها قوة من أجل التسامح والاستقرار في العالم، مستمرة. وقد تم التطرق لهذا الأمر في مقال مضحك نشر على هذا الموقع قبل أكثر من أسبوع.

بدون أدنى وعي، جدد سفير المملكة الجديد لدى الولايات المتحدة الإدعاءات الوهمية بأن "المملكة العربية السعودية ستستمر في قيادة جميع الدول لمكافحة الفكر الذي يغذي التطرف والعنف". وذهب السفير الجديد بعيدا في القول بأن الزعماء الدينيين في المملكة، بمن فيهم مفتي المملكة " قد أدانوا بصوت عال وبشكل متكرر التطرف والإرهاب، وعملوا على توجيه أولئك الذين يمكن ان يكونوا قد خدعوا من قبل المتطرفين الايدلوجيين، للإبتعاد عن هذا الطريق الضال".

حقا؟

هل كان هذا هو الحال عندما قام مفتي المملكة - والذي يعينه الملك - بتأليف كتاب، قبل عامين فقط من هجمات 11/9، وأوضح فيه أن " [الهجمة] المسيحية للصليبيين على الإسلام اليوم على أشدها ... وبأن المسلم الحقيقي لا يمكن أن يتحمل أن يرى الملحدين يعتلون السلطة ... [لهذا] وجب على المسلم أن يسعى لبذل قصارى جهده [من أجل] طردهم وإبعادهم، حتى إذا اضطر للتضحية بحياته أو بأعز مايملك في سبيل هذا"؟

ربما كان على السفير بدلا من ذلك الإشارة الى كتاب الحكومة السعودية التي أعلنت فيه أن المسلمين الحقيقيين "يجب أن يظهروا الخشونة والعنف في وجه الكفار والملحدين، وأن ينالوا أجر الجهاد في سبيل الله دون خوف من الكفار والمنافقين، ودون أن ترهبهم عدتهم وعتادهم".

وللأسف، فإن الأمثلة كثيرة على ذلك الخطاب المتعصب والعنيف والسام الذي تموله السعودية، وهو ما أكدته العديد من الدراسات التي أجرتها مؤسسة فريدوم هاوس.

وبقدر رغبة المملكة الغنية بالنفط في أن نعتقد خلاف ذلك، إلا أنه ليس من قبيل المصادفة أن 15 شخص من أصل الـ 19 الذين شاركوا في اختطاف الطائرات في احداث 11 سبتمبر كانوا سعوديين، بل أن أسامة بن لادن نفسه كان سعودي. بالعكس، لم يكن هؤلاء الإرهابيين إلا منتجات رهيبة لآلة الكراهية السعودية التي تنفق عليها مليارات الدولارات. ولكي لا تعتقد بأن هذه المشكلة من الماضي، عليك أن تعرف أن السعوديون يأتون في المرتبة الأولى في قائمة المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى داعش.

وبالنظر إلى الحقائق الفعلية، ينبغي أن لا يكون مفاجئا أن قادة السياسة والفكر الأمريكي لا يشاركون السفير الجديد وجهة نظره الغير قابلة للتصديق حول دور المملكة في العالم.

بعد أيام قليلة من الإدعاءات المختلقة والمثيرة للسخرية التي ادلى بها السفير السعودي، نشرت مجلة اتلانتيك مقابلة مع الرئيس أوباما وهي المقابلة التي انتقد فيها الرئيس السعوديين بقوة واصفا إياهم "بالجامحين" الذين يروجون للوهابية - ذلك الشكل المختلف من الإسلام الذي يعزر الأيديولوجيات المتطرفة والصراعات الطائفية - التي تهدد أمننا القومي في جميع أنحاء العالم وتعرضه للخطر بشكل مهول.

وقد جائت تقديرات الرئيس في هذا الشأن تكرارا للملاحظات التي رصدها توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز قبل عدة أشهر في أن "كل الجماعات الجهادية السنية - داعش و القاعدة وجبهة النصرة - وليدة للأيديولوجيا الوهابية التي حقنتها المملكة العربية السعودية في المساجد والمدارس الدينية من المغرب إلى باكستان إلى إندونيسيا".

كما أكد ديفيد كيركباتريك زميل فريدمان في النيويورك تايمز أيضا، الارتباط الوثيق بين توسيع المملكة العربية السعودية من انتشار الفكر الوهابي وصعود داعش، موضحا في عام 2014 أن "المبادئ التوجيهية لقادة الدولة الإسلامية - والتي تعرف أيضا باسم داعش - مفتوحة وواضحة حول الإلتزام المحصور غالبا على الحركة الوهابية من الإسلام السني. حيث توزع هذه الجماعات  نسخا من الكتب الدينية الوهابية للمملكة العربية السعودية في المدارس التي تسيطر عليها. وقد أظهرت أشرطة الفيديو من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات العديد من النصوص الوهابية ملصقة على جانبي العربات الإعلامية الرسمية التابعة لها".

لهذه الأسباب بالذات، قال ميكا زينكو - وهو من قدامى المحنكين في مكتب وزارة الخارجية لشؤون التخطيط السياسي وزميل بارز في العلاقات الخارجية في مجلس الولاية في واشنطن - هذا الاسبوع ان فكرة قيادة السعوديين للمعركة ضد الإرهاب كانت مماثلة لفكرة أن يقوم "منتجي [المخدرات] بقيادة حملة لمكافحة المخدرات".

ومن باب الإنصاف للسعوديين، فإنهم على حق في أن يشعروا بالقلق حول دولتهم في العالم، ونتفهم يأسهم في أن يظهروا أنفسهم بشكل أفضل. لقد انضم العديد من قادة العالم إلى الرئيس أوباما في انتقاد دور المملكة في تأجيج موجة من التطرف الاسلامي الذي يغلف العالم الآن.

وفي نفس الوقت، يشعر الحلفاء التاريخيين في أوروبا وأماكن أخرى بالقلق المتزايد حيال بيع الأسلحة إلى السعودية التي يبدو أنها لاتبالي بالخسائر الجسيمة بين المدنيين نتيجة استخدامها المتهور لتلك الأسلحة في اليمن، أو الاحتجاج الدولي على الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في الداخل السعودي.

في الأسابيع القليلة الماضية انتقد السعوديين بقوة حلفائهم الذين لم يتفقوا معهم في تفكيرهم.

في هذه اللحظة، نأمل نحن الذين فقدوا أحباءهم في هجمات 11 سبتمبر أن يقف رئيسنا وحكومتنا في وجه "الأصدقاء" السعوديين في النهاية ويخبروهم مرة واحدة وإلى الأبد أن الإنكار لم يعد طريقا يمكنهم المضي قدما فيه.

قال ونستون تشرشل ذات مرة أن "الكذبة يمكن أن تدور حول العالم بينما لاتزال الحقيقة ترتدي ملابسها". ربما يكون هذا هو ما يعول عليه السعوديين (والبعض في الحكومة الأمريكية). ولكن ما لايدركه هؤلاء أن الحقيقة حين ترتدي ملابسها فإنها تنطلق بسرعة فائقة، وعندما تفعل ذلك، لا يمكنك إخفائها أو الإختباء منها.

* تيري سترادا، ناشطة، و أرملة توم سترادا الذي قتل في البرج الشمالي.
* غوردون هابرمان، مستشار، وأب أندريا هابرمان الذي قتل في البرج الشمالي.
* كيرتس بروير، بروفيسور، وزوج كارول ديمتز الذي قتل في البرج الجنوبي.

http://m.huffpost.com/us/entry/saudi-arabia-terrorism-9-11_b_9516706.html