الجمعة، 11 مارس 2016

الأزمة المالية، القشة التي تكسر ظهر البعير السعودي.

بقلم: كاثرين شاكدام
موقع هيرالد تريبيون الأمريكي
الثلاثاء 8 مارس 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

الحق يقال أن المملكة العربية السعودية قد لا تكون قابلة للحياة من الناحية المالية لمواكبة نمط العيش الفاخر الذي نعتقده للعائلة الملكية. في الواقع، تواصل العائلة المالكة السعودية، بلا حرج، العيش حياة المليارات الباذخة في الوقت الذي تجف فيه خزائن المملكة  بسرعة البرق لدرجة أن الرياض تسعى الآن للاقتراض من أجل مواكبة العديد من متطلباتها.

ونظرا لطموحات المملكة العربية السعودية في المنطقة فقد اشعلت المملكة الكثير من الحروب حتى أنها قامت بتمويل الإرهاب بشكل كبير مما اضطر الرياض للنظر بعين الاعتبار في تلقي قرض مالي برعاية أمريكية. يا لسخرية الأقدار.

ونتيجة لأن الرياض تحاول أن تبدو وكأنها  قد انسحبت بعيدا عن املاءات واشنطن السياسية وبأنها تمضي قدما في سياساتها الخاصة وطموحاتها في الهيمنة على المنطقة، فإن المال - أو بالأحرى الحاجة إليه - من شأنه أن يجعل هذا الخادم المتهور يركع مرة أخرى أمام جبروت الرأسمالية الأمريكية.

ووفقا للتقارير، فإن المملكة العربية السعودية تتطلع للحصول على قروض بقيمة 10 مليارات دولار من الدائنين الدوليين للمرة الأولى منذ عقود، وتلك إشارة خطيرة في هذا التوقيت بالذات.

إذا كانت المملكة تبحث عن السيولة النقدية، فأنها لا تريد الإعلان عن ذلك! لأنها مهتمة بمظهرها في منعطف سياسي كهذا يمكن ببساطة أن تلعب فيه "قدرة وكفائة" المملكة دورا في إحداث الفرق بين الدعم المطلق، والتجريم، حيث لا يمكن للمملكة العربية السعودية تحمل خسارة موقفها السياسي.

تمثل الأنظمة والممالك الغربية مصدر القوة بالنسبة للرياض، ويأتي الدعم السياسي أو العسكري الذي يقدمه الغرب انطلاقا فقط من قدرة المملكة على شراء المؤيدين والمرتزقة، وبدون تقديم الغرب لضمان حماية المنتج عند الشراء فلن يكون لدى المملكة الكثير للإستعراض به.

بدون الدعم العسكري للولايات المتحدة، وبدون الحصانة القضائية التي تمنحها القوى الغربية للرياض في مقابل العقود المربحة، فأن المملكة العربية السعودية قد لا تعيش حتى غروب شمس اليوم، ناهيك عن شروق شمس الغد. نظام الرياض مكروه ولايملك شعبيه بين السعوديين، وبالتأكيد لايملكها بين العرب، ناهيك عن العالم الإسلامي وما وراءه.

النظام السعودي نظام عنيف وحشي يرتكب الإبادة الجماعية، دائما ما كانت شعبية الرياض في أوساط القوى العالمية متناسبة مع السخاء المالي لمسؤوليها. وإذا دخلت المملكة في حالة الركود الاقتصادي، فإن أصدقائها على الأرجح سيختفون تاركين آل سعود وحيدين في مهب الريح. حينها لن يكون بمقدور المملكة النجاة في ضل تحين الكثير من الدول فرصة سانحة كهذه ليسددون فيها ضربتهم ضد المملكة.

تشير الصدمة المتمثلة في طلب السعودية لقرض مالي إلى أن المملكة تبحث عن طرق أخرى لتمويل اقتصادها بعد تراجع أسعار النفط على الرغم من حربها على اليمن. لقد وقعت الرياض في شراك تلاعبها السياسي والاقتصادي وأدركت أن أولئك الذين يلعبون بالنار يمكن في الواقع أن يحترقوا بها.
لكن السعودية ليست وحدها في هذا المأزق، فممالك الخليج العربي التي ربطت مصيرها السياسي بالسعودية تنزلق هي الأخرى إلى الركود الإقتصادي وتفكر أيضا في القروض الدولية للبقاء واقفة على أقدامها. حيث اقترضت قطر 5.5 مليار دولار في يناير الماضي وهو تقريبا نفس الوقت الذي استدانت فيه الحكومة العمانية مليار دولار من خلال قرض دولي.

من المحتمل أن يزداد تسارع هذا التخبط الاقتصادي ليفاقم من حدة التوتر في الخليج العربي في الوقت التي تتعرض فيه الكثير من الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية لمزيد من التوتر والشد. لا تملك المملكة هنا إلا أن تلوم نفسها بعد عقود من الإعتداء السري الوهابي ضد الأقليات الدينية، والذي صنع العديد من الأعداء والقليل جدا من الأصدقاء. أنا أزعم شخصيا أنه مهما كان الدعم الذي يقدمه حلفاء الرياض لها فإن ذلك نابع من مصالحهم المالية وليس الأيديولوجية، وبالتالي يحرصون على إبقاء المملكة مفتوحة للاستحواذ منها على اقصى مايمكن.

مالذي سيحدث عندما يدرك اولئك الحلفاء أن آل سعود لم يعد لديهم أي شيء لإعطائهم إياه بعد الآن؟

ما بدا يوم أمس أنها إمبراطورية عربية قوية سوف تجد نفسها في مواجهة غضب ثورة قوية، ثورة ربما لن تختلف كثيرا عن تلك التي هزت مستبد آخر قبل نحو ثلاثة عقود في إيران. يا لسخرية الأقدار.

غير أن تراجع اسعار النفط ليس المشكلة الوحيدة التي تواجهها المملكة العربية السعودية. لدى المملكة مشكلة المياه أيضا ... وهي مشكلة كبيرة جدا.

وكما ذكرت صحيفة الاندبندنت فقد "بدأت المملكة العربية السعودية فرض ضرائب على المياه للسكان في محاولة لمعالجة ارتفاع تكاليف الديون نتيجة تراجع عائدات النفط. وتأتي التعرفة الجديدة للمياه وسط تحذيرات من نضوب المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية في السنوات ال 13 المقبلة".

تعتمد السعودية على مصدرين للمياه هما المياه الجوفية والمياه الناتجة من محطات التحلية التي تعمل على إزالة الملح من مياه البحر. تشكل المياه الجوفية 98% من مصادر المياه في المملكة العربية السعودية لأن المملكة تخلو من الأنهار والبحيرات.

وفجأة، تأتي هذه الحرب على اليمن لتأخذ بعدا آخر تماما.

http://ahtribune.com/economy/635-camel-saudi-arabia.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق