الثلاثاء، 22 مارس 2016

لم يعد بمقدور المملكة العربية السعودية أن تخفي الحقيقة.

بقلم: تيري سترادا، غوردون هابرمان، كيرتس بروير *
الخميس 22 مارس 2016
موقع هافينغتون بوست الأمريكي

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

لازالت الجهود المثيرة للشفقة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لإقناع الرأي العام الأميركي بأنها قوة من أجل التسامح والاستقرار في العالم، مستمرة. وقد تم التطرق لهذا الأمر في مقال مضحك نشر على هذا الموقع قبل أكثر من أسبوع.

بدون أدنى وعي، جدد سفير المملكة الجديد لدى الولايات المتحدة الإدعاءات الوهمية بأن "المملكة العربية السعودية ستستمر في قيادة جميع الدول لمكافحة الفكر الذي يغذي التطرف والعنف". وذهب السفير الجديد بعيدا في القول بأن الزعماء الدينيين في المملكة، بمن فيهم مفتي المملكة " قد أدانوا بصوت عال وبشكل متكرر التطرف والإرهاب، وعملوا على توجيه أولئك الذين يمكن ان يكونوا قد خدعوا من قبل المتطرفين الايدلوجيين، للإبتعاد عن هذا الطريق الضال".

حقا؟

هل كان هذا هو الحال عندما قام مفتي المملكة - والذي يعينه الملك - بتأليف كتاب، قبل عامين فقط من هجمات 11/9، وأوضح فيه أن " [الهجمة] المسيحية للصليبيين على الإسلام اليوم على أشدها ... وبأن المسلم الحقيقي لا يمكن أن يتحمل أن يرى الملحدين يعتلون السلطة ... [لهذا] وجب على المسلم أن يسعى لبذل قصارى جهده [من أجل] طردهم وإبعادهم، حتى إذا اضطر للتضحية بحياته أو بأعز مايملك في سبيل هذا"؟

ربما كان على السفير بدلا من ذلك الإشارة الى كتاب الحكومة السعودية التي أعلنت فيه أن المسلمين الحقيقيين "يجب أن يظهروا الخشونة والعنف في وجه الكفار والملحدين، وأن ينالوا أجر الجهاد في سبيل الله دون خوف من الكفار والمنافقين، ودون أن ترهبهم عدتهم وعتادهم".

وللأسف، فإن الأمثلة كثيرة على ذلك الخطاب المتعصب والعنيف والسام الذي تموله السعودية، وهو ما أكدته العديد من الدراسات التي أجرتها مؤسسة فريدوم هاوس.

وبقدر رغبة المملكة الغنية بالنفط في أن نعتقد خلاف ذلك، إلا أنه ليس من قبيل المصادفة أن 15 شخص من أصل الـ 19 الذين شاركوا في اختطاف الطائرات في احداث 11 سبتمبر كانوا سعوديين، بل أن أسامة بن لادن نفسه كان سعودي. بالعكس، لم يكن هؤلاء الإرهابيين إلا منتجات رهيبة لآلة الكراهية السعودية التي تنفق عليها مليارات الدولارات. ولكي لا تعتقد بأن هذه المشكلة من الماضي، عليك أن تعرف أن السعوديون يأتون في المرتبة الأولى في قائمة المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى داعش.

وبالنظر إلى الحقائق الفعلية، ينبغي أن لا يكون مفاجئا أن قادة السياسة والفكر الأمريكي لا يشاركون السفير الجديد وجهة نظره الغير قابلة للتصديق حول دور المملكة في العالم.

بعد أيام قليلة من الإدعاءات المختلقة والمثيرة للسخرية التي ادلى بها السفير السعودي، نشرت مجلة اتلانتيك مقابلة مع الرئيس أوباما وهي المقابلة التي انتقد فيها الرئيس السعوديين بقوة واصفا إياهم "بالجامحين" الذين يروجون للوهابية - ذلك الشكل المختلف من الإسلام الذي يعزر الأيديولوجيات المتطرفة والصراعات الطائفية - التي تهدد أمننا القومي في جميع أنحاء العالم وتعرضه للخطر بشكل مهول.

وقد جائت تقديرات الرئيس في هذا الشأن تكرارا للملاحظات التي رصدها توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز قبل عدة أشهر في أن "كل الجماعات الجهادية السنية - داعش و القاعدة وجبهة النصرة - وليدة للأيديولوجيا الوهابية التي حقنتها المملكة العربية السعودية في المساجد والمدارس الدينية من المغرب إلى باكستان إلى إندونيسيا".

كما أكد ديفيد كيركباتريك زميل فريدمان في النيويورك تايمز أيضا، الارتباط الوثيق بين توسيع المملكة العربية السعودية من انتشار الفكر الوهابي وصعود داعش، موضحا في عام 2014 أن "المبادئ التوجيهية لقادة الدولة الإسلامية - والتي تعرف أيضا باسم داعش - مفتوحة وواضحة حول الإلتزام المحصور غالبا على الحركة الوهابية من الإسلام السني. حيث توزع هذه الجماعات  نسخا من الكتب الدينية الوهابية للمملكة العربية السعودية في المدارس التي تسيطر عليها. وقد أظهرت أشرطة الفيديو من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات العديد من النصوص الوهابية ملصقة على جانبي العربات الإعلامية الرسمية التابعة لها".

لهذه الأسباب بالذات، قال ميكا زينكو - وهو من قدامى المحنكين في مكتب وزارة الخارجية لشؤون التخطيط السياسي وزميل بارز في العلاقات الخارجية في مجلس الولاية في واشنطن - هذا الاسبوع ان فكرة قيادة السعوديين للمعركة ضد الإرهاب كانت مماثلة لفكرة أن يقوم "منتجي [المخدرات] بقيادة حملة لمكافحة المخدرات".

ومن باب الإنصاف للسعوديين، فإنهم على حق في أن يشعروا بالقلق حول دولتهم في العالم، ونتفهم يأسهم في أن يظهروا أنفسهم بشكل أفضل. لقد انضم العديد من قادة العالم إلى الرئيس أوباما في انتقاد دور المملكة في تأجيج موجة من التطرف الاسلامي الذي يغلف العالم الآن.

وفي نفس الوقت، يشعر الحلفاء التاريخيين في أوروبا وأماكن أخرى بالقلق المتزايد حيال بيع الأسلحة إلى السعودية التي يبدو أنها لاتبالي بالخسائر الجسيمة بين المدنيين نتيجة استخدامها المتهور لتلك الأسلحة في اليمن، أو الاحتجاج الدولي على الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في الداخل السعودي.

في الأسابيع القليلة الماضية انتقد السعوديين بقوة حلفائهم الذين لم يتفقوا معهم في تفكيرهم.

في هذه اللحظة، نأمل نحن الذين فقدوا أحباءهم في هجمات 11 سبتمبر أن يقف رئيسنا وحكومتنا في وجه "الأصدقاء" السعوديين في النهاية ويخبروهم مرة واحدة وإلى الأبد أن الإنكار لم يعد طريقا يمكنهم المضي قدما فيه.

قال ونستون تشرشل ذات مرة أن "الكذبة يمكن أن تدور حول العالم بينما لاتزال الحقيقة ترتدي ملابسها". ربما يكون هذا هو ما يعول عليه السعوديين (والبعض في الحكومة الأمريكية). ولكن ما لايدركه هؤلاء أن الحقيقة حين ترتدي ملابسها فإنها تنطلق بسرعة فائقة، وعندما تفعل ذلك، لا يمكنك إخفائها أو الإختباء منها.

* تيري سترادا، ناشطة، و أرملة توم سترادا الذي قتل في البرج الشمالي.
* غوردون هابرمان، مستشار، وأب أندريا هابرمان الذي قتل في البرج الشمالي.
* كيرتس بروير، بروفيسور، وزوج كارول ديمتز الذي قتل في البرج الجنوبي.

http://m.huffpost.com/us/entry/saudi-arabia-terrorism-9-11_b_9516706.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق