الأربعاء، 16 مارس 2016

توتر وتمرد في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية

صحيفة الإيكونوميست الأمريكية
الأربعاء 16 مارس 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

هناك حالة من التوتر والتمرد في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية نتيجة غضب السكان الشيعة في المملكة بعد إعدام نمر النمر.

العوامية بلدة يقطنها حوالي 30 ألف نسمة في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية في المملكة العربية السعودية، لم تهدأ الإضطرابات في العوامية منذ دعى الشيخ نمر النمر أنصاره للانضمام إلى الربيع العربي في عام 2011. ردت قوات الأمن في تلك السنة على المتظاهرين بالذخيرة وسجنت المئات من الشباب، وهو ما أشعل حماس الشيخ النمر أكثر من ذي قبل. حيث يظهر في مقطع فيديو وهو يقول "اذا لم نحصل على كرامتنا فلا يمكن لأحد أن يلومنا إذا سعينا وراء الاستقلال". وفي أول أيام هذا العام 2016، أعدمت السلطات السعودية نمر النمر واثنين من زملائه الشيعة بتهمة الخيانة والتحريض على الإرهاب، لتبدأ بذلك العوامية في وضع تطلعات الشيخ النمر حول الحكم الذاتي موضع التنفيذ.

جدران البلدة اليوم تحمل الرسالة وتمتلئ بالشعارات. "يعيش النمر" و "الموت لآل سعود" هي بعض أكثر تلك الشعارات اعتدالا. صورة النمر معلقة أيضا في اللوحات الإعلانية وشرفات المنازل جنبا إلى جنب مع صورة للإمام الحسين، وهو رمز قديم يجسد ظلم السنة، كما تتدلى الأشرطة السوداء مربوطة على اعمدة الانارة في الشوارع. وبصرف النظر عن التواجد الكثيف لمراكز الشرطة المرابطة في البلدة والتي تتناثر الحجارة وإطارات السيارات والأسلاك الشائكة في الطرق المؤدية إليها، إلا أن المدينة محرومة من أي تواجد للحكومة. حيث تبيع المكتبات والأكشاك في الأسواق، على العلن، ​​نسخا من الكتب الشيعية المقدسة والمحظورة في أماكن أخرى من المملكة. وتزدحم المقبرة تماما بالكثير من النساء يجلسن القرفصاء في حالة حداد بجوار أضرحة ملونة لعدد 23 من "الشهداء" في المدينة، تتراكم عليها الزهور والأعلام والتذكارات. يحدث هذا في المملكة التي يحرم فيها المذهب الوهابي الحاكم تبجيل القبور وعبادة الأسلاف. "لا يمكنك علاج المشكلة بالقوة والسجون والإعدامات. لقد أغلقنا أبواب هذه القرية"، هذا ما قاله محمد، الشقيق الأصغر للشيخ النمر، والذي سجن  ابنه علي في ال 17 من عمره وحكم عليه بالإعدام.

مايقارب 10٪ من المواطنين السعوديين هم من الشيعة، غير أن مدى الغضب والنفور لدى الشيعة خارج العوامية ليس واضحا كما هو الحال في العوامية. وتعد البلدة حالة استثنائية منذ أن قاد جد الشيخ نمر انتفاضة بعد استيلاء آل سعود على شرق شبه الجزيرة العربية في عام 1913، حيث عارضت العوامية المعاهدة التي وقعها وجهاء الشيعة الآخرون مع عبد العزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية، في عام 1933. يتبع معظم الشيعة رجال الدين الأكثر انتشارا، مثل آية الله علي السيستاني في النجف في العراق، والمرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي. (لكن النمر سئم من هذه التبعية وفي الأخير صرخ في وجه الثيوقراطية الإيرانية عندما كان يعيش في مدينة قم، العاصمة الدينية للبلاد، مما تسبب في اعتقاله.) وعلى الرغم من منجم الثروة في الشرقية المتمثل في حقول النفط التي تمر بجانب العوامية، إلا أن شركة أرامكو السعودية التي يقع مقرها جوار البلدة لا تزال توظف الشيعة من المدن المجاورة وتستثمر في بعض مشاريع التنمية. عند السير بمحاذاة طرقها وشوارعها، يمكن فقط للمرء أن يرى على الجدران كتابات وشعارات معادية لآل سعود.

لكن السلطات لا تقوم بالكثير. هناك نقاط تفتيش ورجال من أفراد الأمن يتفحصون الأوراق عند مخارج الطرق السريعة للمدن الشيعية. حيث يقول رجال الأمن انهم يحمون الشيعة من انتحاريي الدولة الإسلامية الذين ضربوا خمسة مساجد شيعية منذ أواخر عام 2014. ولكن منذ وفاة نمر، يشك العديد من الشيعة بأن الغرض الأكبر من نقاط التفتيش هذه هو إبقاء تمرد الشيعة تحت السيطرة. يفضل معظم الشيعة حماية أنفسهم بأنفسهم. حيث ينتشر شباب المنطقة الشرقية يوم الجمعة مرتدين سترات مضيئة على سيارات ورافعات واقفة في الأزقة المؤدية إلى المساجد، بالإضافة إلى دوريات متحركة بالدراجات النارية على الطرق الجانبية مهمتها إستيقاف الغرباء والإبلاغ عنهم من خلال أجهزة اتصال لاسلكي. زعماء الطائفة الشيعية الذين منعوا من الإقتراب من النمر عندما كان على قيد الحياة تقاطروا بأعداد غفيرة إلى خيمة الحداد الخاصة به واشادوا به باعتباره بطلا وشهيدا. يقول جعفر الشايب، وهو سياسي شيعي محلي "لقد أعرب نمر عن ما يجول في أذهان الناس، لاسيما مايتعلق بالاعتداء على كرامتهم".

إن الدعم العسكري الذي تقدمه السعودية للسنة بهدف محاربة الشيعة في بلدان أخرى (وتشجيع العدائية في وسائل الإعلام السعودي) قد جعل الخلافات السياسية أكثر التهابا. كما أثار قرار المملكة بقطع العلاقات مع إيران استياء الشيعة المحليين الذين منعوا منذ ذلك الحين من السفر إلى المواقع الإيرانية المقدسة. وقد نظم العديد من النشطاء حملة احتجاج في وسائل الاعلام الاجتماعي. تقول نسمة السادة، وهي ناشطة رشحت نفسها في الانتخابات المحلية في ديسمبر الماضي "أصبح التعبير عن الرأي جريمة يعاقب عليها بالإعدام". لقد أصبحت العمليات الإنتقامية أكثر عنفا، حيث أطلق مسلحون النار على عدد من رجال الشرطة وأردوهم قتلى، كما أشعلوا النار في حافلة تابعة لشركة أرامكو في وقت سابق من هذا العام .

لقد جعلت وفاة الشيخ نمر التسوية أكثر صعوبة، ولكن الوقت لم يفت بعد للتراجع عن حافة الهاوية. وبالرغم من الحديث عن العلاقات الوثيقة بين الملك سلمان مع المتشددين، إلا أن وسائل الإعلام الحكومية قد أدانت بشدة الهجمات على المساجد الشيعية. لقد قام الأمير محمد بن سلمان - إبن الملك والحاكم الفعلي - بقصف المتمردين الشيعة في اليمن، لكنه ليس لديه مصلحة في اشعال حرب اهلية طائفية في بلاده. كما أن إيقاف التصعيد من حدة التوتر في سوريا، أيضا، قد يهديء الغضب مرة أخرى في المملكة العربية السعودية. حتى أن أخو الشيخ  نمر يدعم فكرة وجود سعودي قوي في المدينة يوفر المساواة في التعامل مع الشيعة. حيث يقول "نريد أن نكون أوفياء مع السعوديين". وأضاف "نحن نقول للحكومة أن تتعامل معنا سياسيا، وليس عسكريا". قد يكون التخلي عن حكم الإعدام الذي يحوم حول تسعة آخرون من الشيعة، بداية جيدة لذلك.

http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21694960-kingdoms-shias-are-angry-tension-and-revolt-saudi-arabias-eastern-province

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق