الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

يبدو أن بريطانيا تعطي مبيعات الأسلحة اهتماماً أكبر من حياة الأطفال في اليمن

سام جونز - صحيفة الجارديان اللندنية
الأربعاء 2 ديسمبر 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

حذرت مؤسسة حماية الطفل (سايف ذا تشيلدرن) من أن الحكومة البريطانية تخاطر بمكانتها كقوة إنسانية عالمية من خلال الاستمرار في بيع ألأسلحة بقصد استخدامها في اليمن حيث يتسبب الصراع في مقتل ثلاثة أطفال كل يوم. وفي تقرير شديد اللهجة عن اليمن، اتهمت هذه المؤسسة الخيرية الدولية المملكة المتحدة بأنها تبدي اهتماماً أكبر للسياسة والربح المالي على حساب حماية الأطفال.

وقال إدوارد سانتياغو، المدير الإقليمي لسايف ذا تشيلدرن في اليمن "تفخر المملكة المتحدة بكونها رائدة على مستوى العالم في التعاطي مع الأزمات الإنسانية، غير أن عزوفها الحالي عن الإدانة العلنية للخسائر البشرية الناجمة عن الصراع في اليمن يعطي انطباعا أنها تفضل العلاقات الدبلوماسية ومبيعات الأسلحة على حياة ألأطفال في اليمن. يجب على المملكة المتحدة أن لا تقف موقف المتفرج إزاء ما يتعرض له الأطفال من قصف؛ يجب عليها المطالبة بحماية أرواح المدنيين والمنشآت المدنية كالمستشفيات."

لقد بلغ عدد الضحايا في اليمن نحو 5700 من المدنيين – بينهم أكثر من 630 طفل – منذ اندلاع القتال الحالي في نهاية مارس عندما بدأ التحالف الذي تقوده السعودية حملة عسكرية لطرد المتمردين الحوثيين من معاقلهم.

وتتلقى بريطانيا – التي تعتبر أحد الموردين الرئيسيين للأسلحة إلى السعودية – دعوات متزايدة لوقف بيع الأسلحة بسبب التأثير المدمر الذي تخلفه الأسلحة المتفجرة على المدنيين في المناطق المأهولة بالسكان في اليمن.
ووفقا للأمم المتحدة، فقد تسببت الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية في ما نسبته 73٪ من الوفيات والإصابات بين الأطفال خلال الربع الثاني من العام الحالي، في حين يـُعزى ما نسبته 18٪ من وفيات الأطفال و17٪ من إصابات الأطفال لقوات الحوثي.

وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 4500 مدنيا سقطوا ما بين قتيلٍ وجريح جراء هذه الأسلحة في اليمن خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام – وهو أكثر من الذين ماتوا أو أصيبوا في أي بلد آخر أو أزمة أخرى خلال الفترة نفسها.

وفي تقريرها عن انتشار الأسلحة المتفجرة، بعنوان "لا مكان آمن للأطفال في اليمن"، توصلت منظمة سايف ذا تشيلدرن إلى أن الاستخدام الواسع لهذه الأسلحة قد جعل اليمن حتى الآن تقاسي "وضعا مريباً يعتبر، هو وما يجري في سوريا، أخطر مكان في العالم لأعمال العنف التي تستخدم فيه المتفجرات منذ نوفمبر 2015."

ويقال إنه منذ شهر مارس، قتل أو جرح أكثر من 1500 طفل في البلد، الكثير منهم نتيجة استخدام الأسلحة المتفجرة مثل القذائف والقنابل الكبيرة للطائرات وقذائف المدفعية والصواريخ وقذائف الهاون والعبوات الناسفة. وتقول المنظمة غير الحكومية أيضا إن العدد الحقيقي للأطفال الذين قتلوا قد يكون أعلى بكثير من الوفيات الـ637 الموثقة وذلك نظرا لصعوبة جمع البيانات في مناطق الحرب.
وقد جمع التقرير شهادات من أطفال شهدوا حالات الموت والدمار الناجم عن الغارات الجوية والقصف.

هذه رجاء*، ذات السبعة أعوام، شاهدت والدتها وهي تحاول أن تنجو بحياتها من هجوم صاروخي. "ركضت إلى والدتي ولكن الصاروخ قصف المبنى بينما كانت تحاول الخروج مع أخي وأختي. رأيت أمي تحترق أمامي، ثم سقطتُ مغشيا عليَ وبعد ذلك وجدت نفسي في المستشفى وقد أصيب جسدي بجروح. لم أجد أمي بجانبي كما هو الحال دائما. وتبين لي لاحقا أنها قد ماتت مع أخي وأختي."

أحد المراهقين اسمه زيد، 15 عاما، يتذكر اليوم الذي تسببت فيه غارة جوية بقتل شقيقه بينما كان يلعب في الخارج. فبعد أن سمع زيد الانفجار، ركض خارجا من منزله للبحث عن أخيه. "رأيت الكثير من الناس يقفون حول الجثث والأشخاص المصابين. ثم رأيت أخي ملقياً على الأرض، كان قد فقد ذراعه واحترق جسده. قبل وفاة أخي لم أكن خائفا، لكنني الآن أمكث في المنزل طوال الوقت وأنا مرعوب جدا من الخروج إلى الشارع."
وهناك أطفال آخرون قتلوا أو جرحوا أو أصيبوا بصدمات نفسية من جراء الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة.

يقول محمد، 10 سنوات، "كنت ألعب في الشارع عندما وجد أحد أصدقائي شيئا غريبا على الأرض. فأخذ صديقي ذلك الشيء وظل يلعب به عندما بدأ بإطلاق النار. وبعد ثوان قليلة انفجر. أصبنا جميعا جراء الانفجار ثم جاء الناس لنقلنا إلى المستشفى وبعد ذلك اكتشفت أن ثلاثة من أصدقائي قد قتلوا، بمن فيهم صديقي المفضل. بقيت في المستشفى لفترة طويلة وخضعت للعديد من العمليات الجراحية. الآن أنا أكره كل من يستخدم الأسلحة."

ويوثق التقرير أيضا إلى أي مدى تعرضت المستشفيات لهجوم أو تخريب في المناطق المتضررة من النزاع. ووفقا للأمم المتحدة، فقد تم الإبلاغ عن 69 مرفقا صحيا تضرر كليا أو جزئيا في القتال حتى أواخر أكتوبر 2015.

ويفيد التقرير أن "المستشفيات تعاني من نفاد الإمدادات الطبية وغيرها من المستلزمات الأساسية أو نقص حاد في الطواقم العاملة نظرا لكون العاملين في المجال الصحي إما لقوا مصرعهم أو أصيبوا أو أجبروا على الفرار من العنف". ويضيف التقرير "أغلقت المستشفيات في 18 محافظة على الأقل من أصل 22 محافظة أو تأثرت بشدة تاركة ما يقارب 14.1 مليون شخص بدون الرعاية الصحية الأساسية، ناهيك عن جراحة الطوارئ وغيرها من الخدمات اللازمة لعلاج جروح الشظايا والإصابات الأخرى الخطيرة التي تسببها الأسلحة المتفجرة في الأطفال."

وبالإضافة إلى مطالبة الحكومة البريطانية وغيرها من الحكومات بوقف مبيعات الأسلحة لأطراف القتال الآن في اليمن، فإن مؤسسة سايف ذا تشيلدرن تمارس ضغوطاً من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار، كما تحث جميع أطراف النزاع إلى وقف استخدام الأسلحة المتفجرة الكبيرة في المناطق المأهولة بالسكان.

تقول المتحدثة باسم الحكومة: "إن المملكة المتحدة تدعم التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية والذي جاء بناء على طلب من الرئيس هادي لردع عدوان الحوثيين وتسهيل عودة الحكومة اليمنية الشرعية. لقد كنا واضحين مع جميع الأطراف أن العمل يجب أن يتوافق مع القانون الإنساني الدولي، ونحن نقدم المشورة والتدريب للسعوديين لإظهار أفضل الممارسات والمساعدة على ضمان استمرار الامتثال لهذا."

"تقوم الحكومة البريطانية بتقديم الدعم للقوات المسلحة في المملكة العربية السعودية وفق ترتيبات معدة مسبقا. وتأخذ [الحكومة] مسؤوليات تصديرها للأسلحة على محمل الجد، وتعمل وفق أحد أكثر أنظمة مراقبة تصدير الأسلحة صرامة في العالم. فنحن ندرس بدقة كل طلب على أساس كل حالة على حدة مقارنة بمعايير الاتحاد الأوروبي الموحدة والمعايير الوطنية لتراخيص تصدير الأسلحة. كما أن المخاطر حول انتهاكات حقوق الإنسان تعتبر جزء أساسي من تقييمنا وفقا للمعايير الموحدة. ونحن لا نورد الأسلحة إذا رأينا أن هناك خطراً واضحاً من أنها قد تستخدم في أعمال قمع داخلي، أو أنها قد تثير أو تطيل صراعاً داخل بلدٍ ما، أو أنها قد تستخدم للاعتداء على دولة أخرى."

استولى المتمردون الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء في يناير ودفعوا باتجاه الجنوب والشرق في مارس وأبريل. وفي أوائل شهر يوليو، أعلنت الأمم المتحدة أن اليمن في المستوى الثالث من الطوارئ الإنسانية، وهو أعلى مستوى في هذا المقياس، محذرة من أن ما يقارب من نصف مناطق البلد تواجه أزمة غذائية حادة.

* تم تغيير أسماء الأطفال وأولياء أمورهم لحمايتهم.

http://www.theguardian.com/global-development/2015/dec/02/uk-appears-to-put-weapons-sales-above-lives-of-yemen-children-save-the-children-report
----------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق