هيو نايلور - واشنطن بوست
الجمعة 13 نوفمبر 2015
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
بيروت - بعد ثمانية أشهر من شن الحرب في اليمن، يبدو أن السعودية وقعت في شرك صراع مدمر وطويل الأمد وهذا يوتر العلاقات مع حلفائها ويعزز الصراعات الداخلية على السلطة ويشجع غريمتها الإقليمية إيران، هذا ما يقوله المحللون.
ويقود الحليف الرئيسي للولايات المتحدة منذ مارس الماضي تحالفا يضم معظم دول الخليج العربي ومقاتلين يمنيين في حملة عسكرية لطرد المتمردين - حلفاء إيران - الذين استولوا على العاصمة صنعاء ومناطق من البلاد في جنوب شبه الجزيرة العربية.
ولكن يبدو أن هذا التحالف تعثر على نحو متزايد بسبب الانقسامات وأصبح غير قادر على ايجاد وسيلة لانهاء هذا الصراع المكلف وبما يحفظ ماء الوجة.
لايزال المتمردين والمعروفين باسم الحوثيين يسيطرون على جزء كبير من شمال اليمن. و انتشرت الفوضى في المناطق الجنوبية التي أخرجهم منها التحالف وصارت هجمات الدولة الإسلامية تعيث فيها فسادا.
يقول فارع المسلمي، المحلل المختص بشؤون اليمن في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت "هذه الحرب تستنزف السعوديين عسكريا وسياسيا واستراتيجيا"
ويضيف "المشكلة أنهم علقوا هناك."
المملكة العربية السعودية هي القوة السنية في المنطقة وتخشى من أن ايران الشيعية تستخدم الحوثيين، الذين هم أيضا شيعة، كوكلاء في اليمن.
أطاح المتمردون بالحكومة اليمنية في فبراير مما اضطر الرئيس عبد ربه منصور هادي للفرار إلى المملكة العربية السعودية. وقد رد التحالف الذي تقوده السعودية - والذي يضم البحرين والإمارات - على هذا بغارات جوية ثم هجوم بري في محاولة لإعادة حكومة هادي إلى السلطة.
وقال أحمد العسيري، المتحدث باسم قوات التحالف التي تقودها السعودية، في تعليقه حول الحملة عبر الهاتف "انه من السابق لأوانه إصدار الأحكام".
ولكن مع استمرار الصراع، أثار تصاعد عدد القتلى المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية انتقادات الجماعات الدولية لحقوق الإنسان والمشرعين في الولايات المتحدة التي تورد السلاح للسعودية، أحد أهم الدول المنتجة للنفط. قتل أكثر من 5400 شخص منذ بدء التدخل ويحذر مسؤولو الامم المتحدة من مجاعة تهدد 25 مليون نسمة تعيش في هذا البلد الفقير.
كما دعا وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند يوم الثلاثاء إلى إجراء تحقيق في ما إذا كان استخدام أسلحة بريطانية بيعت إلى المملكة العربية السعودية قد انتهكت القانون الدولي.
وفي أكتوبر، أرسل 13من أعضاء الكونغرس رسالة إلى الرئيس أوباما دعوا فيها الادارة الى العمل مع المملكة العربية السعودية "لحماية أرواح الأبرياء والحد من احتمالات حدوث رد فعل عنيف ضد مصالح الولايات المتحدة."
قدمت الولايات المتحدة المساندة اللوجستية والاستخباراتية للسعوديين في حملتهم في اليمن. وقد أعرب مسؤولو مخابرات أمريكيون عن قلقهم من أن الصراع قد عزز تنظيم القاعدة في اليمن.
و أعربت الولايات المتحدة عن قلقها أيضا إزاء المدنيين ولكنها امتنعت عن إنتقاد السعودية بشكل مباشر حول الهجمات بما فيها ذلك الهجوم الذي استهدف ميناء المخا اليمنية والذي قتل فيه 65 شخصا في يوليو الماضي.
وقال مجلس الامن الوطني في بيان صدر الشهر الماضي "إن الولايات المتحدة ليس لها دور في قرارات الاستهداف التي يتخذها التحالف في اليمن".
وفي داخل المملكة، يقول المحللون ان الحرب قد اشتدت بشكل واضح حول الصراع على السلطة داخل العائلة المالكة التي تحيطها السرية وعدم الشفافية.
الملك سلمان الذي تولى السلطة في يناير، قد زعزع المملكة بعدة قرارات قلبت الأوضاع منها تعيين ابنه البالغ من العمر 30 عاما نائبا لولي العهد ووزيرا للدفاع جاعلا منه المسؤول عن حملة اليمن. كما أن الضربة التي تلقاها الاقتصاد نتيجة انخفاض أسعار النفط قد عمقت الخلاف. وقد أصدر بعض المنشقين داخل العائلة المالكة عدة رسائل مفتوحة تنتقد الملك.
وقال يزيد صايغ، محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز كارنيغي "بالتأكيد أن كل شيء يبدو غامضا نوعا ما، ولكن الحرب تولد هذا التنافس على السلطة".
ويضيف الصايغ أن العدد الصغير نسبيا من الجنود السعوديون المقاتلون في اليمن، واللذين يقدر عددهم بالمئات، يشير إلى القلق العميق لدى حكام السعودية من السخط المحلي المحتمل بسبب سقوط ضحايا نتيجة الحرب.
وعلى الرغم من مطالب السعودية، إلا أن حلفائها كمصر وباكستان رفضت ارسال قوات برية. وقد أخذ الآلاف من الجنود الإماراتيين بزمام الأمور على الأرض في اليمن.
لكن المقاتلين اليمنيين الموالين يقولون ان التحالف نشر عدد قليل جدا من الجنود وهذا ماتسبب في تعثر الهجوم البري الذي بدأ في يونيو الماضي.
"لم نتلق الدعم الكافي من التحالف" هذا ماقاله عارف جمال أحد كبار قادة الميليشيا التي تحارب المتمردين الحوثيين في تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن.
لقد كانت المعركة من أجل تعز وحشية لاسيما مع قصف المتمردين للمناطق المدنية دون تمييز وقطعهم لإمدادات المياه والمواد الغذائية إلى المدينة. وتقول الميليشيات المناهضة للحوثيين في المدينة، التي تبعد 160 ميلا الى الجنوب من العاصمة، أنها تركت لوحدها في المعركة.
وفي محافظة مأرب أيضا، التي تبعد قاب قوسين أو أدنى من صنعاء، يبدو أن قوات التحالف غارقة حتى الآن في معارك كر وفر. وقد تسبب صاروخ أطلقه الحوثيون في سبتمبر في قتل 60 على الأقل من جنود السعودية والإمارات والبحرين المتواجدة في المحافظة. وقال أحمد الزيادي أحد رجال القبائل الموالية للتحالف في مأرب أنه من غير الواضح في ما إذا كانت التعزيزات العسكرية القطرية - والتي ذكرتها وسائل الاعلام القطرية بعد حادث الصاروخ - قد وصلت أم لا.
وقال "ليس هناك ما يكفي من الدعم من قوات التحالف، وهناك الكثير من الإحباط بين القبائل المناهضة للحوثيين في المنطقة".
ربما يكون الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للسعودية هو الانفلات الأمني الذي تعاني منه عدن وهي المدينة الساحلية الجنوبية الرئيسية التي استولت عليها قوات التحالف البرية من المتمردين في يونيو الماضي.
وفي أكتوبر، أعلن التنظيم التابع للدولة الإسلامية مسؤوليته عن التفجيرات التي استهدفت قوات التحالف وكذلك الفندق الذي كان يستخدم كمقر لحكومة هادي حيث هرب وزراء الحكومة من المدينة بعد تلك الهجمات.
وفي الوقت نفسه، قال السكان أن إسلاميين متشددين - بعظهم كان يحمل علم القاعدة - اقتحموا الجامعات والأسواق في المدينة للمطالبة بالفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة.
"انها الفوضى هنا" هكذا قال وضاح الحريري (48 عاما) وهو مهندس مدني يعيش في عدن.
وأشار الحريري إلى ان القوات السعودية والإماراتية المتواجدة في المدينة تتوارى عن أعين الناس وقال "اننا لا نفهم ما هو دورهم هنا".
ومن غير الواضح كيف يمكن للسعودية أن تنهي التدخل العسكري من دون سقوطها كخاسر. أي هجوم بري لانتزاع صنعاء والمناطق الشمالية من سيطرة المتمردين يمكن أن ينتج عنه العديد من الضحايا في صفوف التحالف، علاوة على الفشل المتكرر لجهود السلام التي تدعمها الامم المتحدة بينما يرفع المتمردين من وتيرة الحرب من خلال شن هجمات عبر الحدود على جنوب المملكة العربية السعودية.
وقال كريستوفر ديفيدسون، الخبير المتخصص بشؤون دول الخليج الفارسي في جامعة دورهام البريطانية، أن القادة الإيرانيين ينظرون لمشاكل السعودية في اليمن باعتبارها مكسبا استراتيجيا في إطار تنافس الدولتين على النفوذ في الحرب الأهلية في سوريا وأماكن أخرى في المنطقة حيث تدعم إيران حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم السعودية المعارضة.
وقال ديفيدسون أن الإيرانيين يرون أن السعودية غير قادرة على هزيمة مقاتلي الحوثي المشرذمين رغم أنها تتفوق عليهم بأسلحة غربية الصنع.
وقال " بقدر ما تشعر إيران بالإهتمام إلا أن هذه الحرب توضح أن السعودية ليست دولة ثقيلة الموازين كما كان يعتقد الكثير ".
ساهم علي المجاهد في صنعاء، وكارول موريلو في واشنطن، في هذا التقرير.
https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/saudi-arabia-cant-find-its-way-out-of-yemens-messy-war/2015/11/12/4d70ce26-84e1-11e5-8bd2-680fff868306_story.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق