ماغنوس تايلور*
مجلة افريكا ريبورت - فرنسا
الجمعة 22 يناير 2016
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
في القرن الأفريقي، حيث تترنح الأنظمة التي تعاني من ضائقة مالية على حافة النجاة، وحيث يتم تشكيل التحالفات أو كسرها بتنسيق محير، وجد مجلس التعاون الخليجي بغيته في الحصول على شركاء في خضم تصاعد التوترات السعودية الإيرانية.
في البوتقة التجارية لدبي، حيث يفرك المصرفيين البريطانيين اكتافهم مع بائعي السجاد الأفغاني، يكون من الصعوبة بمكان أن نتصور أن دولة الإمارات تخوض حربا كبرى في اليمن امتصت عدة دول خليجية أخرى بالإضافة لأربعة بلدان من القرن الأفريقي.
تملك السعودية والإمارات، وهي الدول الخارجية الرئيسية في الحرب، عدد قليل من السكان وحسابات مصرفية كبيرة مملوءة بالعائدات من احتياطي النفط والغاز. وكلتاهما تعدان أكبر المساهمين ماليا في تموين وتزويد معظم القوات المشاركة في التحالف.
عندما قررت السعودية والإمارات التدخل عسكريا في اليمن في مارس 2015 لوقف محاولة المتمردين الحوثيين (الجماعة الزيدية الشيعية) من الاستيلاء على السلطة، أصبح واضحا أنهم في حاجة لأحذية إضافية على الأرض. وثمة حاجة أيضا لمنافذ وقواعد جوية ملائمة وقريبة من مسرح المعركة. وعليه، فقد وجد الباحثون الشركاء المرغوبين في إريتريا وجيبوتي والسودان والصومال عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
تعتبر اليمن، وخاصة ميناء عدن ثاني أهم مدنها، أقرب إلى أسمرة وجيبوتي والخرطوم ومقديشو وهرجيسا من الرياض والدوحة أو دبي. في باب المندب - المضيق الذي يلتقي في البحر الأحمر وخليج عدن - تبعد اليمن 30 كيلومتر فقط عن الساحل الإريتري والجيبوتي. لذلك، وجغرافيا، فإن مشاركة القرن الأفريقي في الحرب له معنى.
النصف الآخر من هذه المعادلة ينطوي على الديناميكية السياسية لدول الخليج التي تشكل مجتمعة دول مجلس التعاون الخليجي. تسعى دول مجلس التعاون الخليجي أيضا إلى فرض نفسها كتجمع قادر على التصدي للزحف الإيراني الملحوظ. وفي هذا السياق، وسواء كان ذلك مبررا أم لا، كان ينظر إلى التمرد الحوثي باعتباره وكيل مدعوم لايران.
اتباع المال
اكتساب المؤيدين للتدخل في اليمن لم يركز فقط على القوة العسكرية، ولكنه ركز أيضا على القوة الدبلوماسية - وخاصة مع الشركاء العرب السنة مثل السودان. وبالتالي من المحتمل أن يوفر ذلك الحراك الإقليمي فرصا للشركاء الراغبين في القرن الأفريقي. لنأخذ مثالا واحدا وهو السودان الذي تربطه علاقة معقدة مع دول الخليج تستند تاريخيا على عاملين.
أولا، دفع الاقتصاد السوداني الضعيف الكثير من الخبراء السودانيين للبحث عن عمل خارج البلاد. تستضيف السعودية مايصل إلى 900 ألف من العمال المهاجرين السودانيين، في حين تستضيف الإمارات 75 ألف، وقطر 30 ألف. ومنذ الانقلاب الاسلامي في السودان عام 1989، أصبح المغتربون في الشتات مصدرا رئيسيا للتحويلات المالية التي كانت تدعم النظام ذاته الذي أجبرهم على الخروج نتيجة ركود سوق العمل وثقافة القمع السياسي.
ثانيا، بسبب الحالة الخطيرة للاقتصاد، تبحث السودان بشكل دائم عن داعمين ماليين جدد. حيث شهدت السودان طفرة نفطية في أواخر التسعينات وبداية الألفية الجديدة واعتمدت على الشركات الصينية والهندية والماليزية لملء الفجوة الاستثمارية التي خلفتها شركة شيفرون الأمريكية للنفط والتي غادرت السودان في عام 1990. أحدث انفصال جنوب السودان عام 2011 تراجعا حادا في عائدات النفط وكشف عن الاهتمام المحدود للشركات الآسيوية في الاقتصاد غير النفطي.
تسبب الإرث الإيديولوجي لانقلاب 1989 - بما في ذلك رفض النظام الجديد لإظهار التضامن مع دول الخليج بشجب غزو العراق للكويت في عام 1990 - في عزلة للسودان كما تسبب في تقارب علاقتها مع إيران، التي كانت أيضا مصدرا حيويا للأسلحة لخوض الحرب في جنوب السودان.
وجدت السعودية في الروابط السودانية مع إيرانية وتعاطفها مع الإسلاميين مصدرا عميقا للقلق فقامت في أواخر عام 2014 بفرض قيود مالية على قطاعها المصرفي وهددت بترحيل الآلاف من العمال السودانيين المغتربين.
مكاسب غير متوقعة للقرن الأفريقي
ولكن في أواخر عام 2014، تحول الخطاب الإعلامي السوداني بشكل كبير بعيدا عن طهران وإغلقت السودان المراكز الثقافية الإيرانية في الخرطوم، والتي اتهمت بنشر التشيع. وعندما بدأت الحرب في اليمن، قدم السعوديون عرضا أكبر بكثير من ما كانت ايران مستعدة لتقديمه، حيث تفيد تقارير غير مؤكدة بأن السودان تلقى 2.2 مليار دولار في مقابل الدعم الدبلوماسي والعسكري. في البداية لم تقدم الخرطوم سوى مساهمة عسكرية رمزية، ولكن مع تصاعد الخسائر السعودية والإماراتية، طلبوا أكثر من السودانيين، فقامت السودان في أكتوبر 2015 بنشر ما بين 350 و 700 جندي من القوات البرية بحسب ماقدرته التقارير.
أما التورط الأريتري والجيبوتي والصومالي في اليمن فهو أكثر غموضا. في حالة اريتريا، يتم استخدام ميناء عصب كمركز لوجستي جوي وبحري للعمليات السعودية-الإماراتية. ولكن، وخلافا للخرطوم، التزمت أسمرة الصمت بشأن ما إذا كانت قد نشرت قواتها أم لا. كتب فريق الرصد التابع للأمم المتحدة في الصومال وإريتريا في سبتمبر 2015 أن نشر القوات الإريترية من شأنه أن يشكل "انتهاكا واضحا" لقرار الأمم المتحدة رقم 1907 لعام 2009 والذي يفرض حظرا للأسلحة على إريتريا.
كما يبدو أيضا أن تطور العلاقات الإريترية مع المملكة العربية السعودية قد أقلق إثيوبيا التي تريد أن تبقي على منافستها السابقة معزولة دبلوماسيا.
غير أن دور الصومال وأرض الصومال هو الأقل وضوحا. حيث أعلنت الصومال أنها منحت الإذن لدول مجلس التعاون الخليجي لاستخدام مجالها الجوي، لكنها لم تؤكد التقارير التي تفيد بأنتشار جنود الجيش الوطني الصومالي كمرتزقة في اليمن كما فعلت السودان. وبينما وافقت أرض الصومال على تأجير مرافق ميناء بربرة، لايزال من غير المعروف ما إذا كان قد تم الأخذ بهذا العرض أم لا. وفي الوقت نفسه، يبدو أن جيبوتي أيضا - وهي حليف للسعودية وتستضيف في أراضيها قواعد عسكرية أمريكية وفرنسية ويابانية - قد سمحت باستخدام البنية التحتية لمطارها من أجل بعض مهام التحالف على الرغم من بعض التوترات الأخيرة في العلاقات.
تدويل حرب اليمن يقدم مكاسب رئيسية غير متوقعة لمنطقة القرن الأفريقي ويوفر مصدرا جاهزا للسيولة المالية كما يوفر الدعم الدبلوماسي للحكومات في المنطقة. مشاركة هذه الدول الأفريقية توضح كيف يمكن للحرائق الإقليمية أن تجر إليها لاعبين متعددين لهم الدوافع المتنوعة الخاصة بهم. في غضون ذلك، من المرجح أن يزداد اتساع التحالف الذي تقوده السعودية مع دول القرن الإفريقي.
*ماغنوس تايلور، محلل متخصص في شؤون القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة مستقلة لمنع نشوب الصراعات.
http://www.theafricareport.com/East-Horn-Africa/horn-of-africa-states-follow-gulf-into-the-yemen-war.html
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق