مجلة ذا ويك الأمريكية
الأحد 31 يناير 2016
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
يسحق آل سعود المعارضة ويخفضوا الإمتيازات في بلادهم، في حين يتدخلون عسكريا في الخارج. لماذا ا؟ هنا كل شيء تحتاج إلى معرفته:
هل السعوديين متوترين؟
نعم. متوترون جدا. تشعر العائلة المالكة بتهديدات داخلية وخارجية نتيحة انخفاض أسعار النفط وتنامي الغالبية العضمى من السكان وهم الشباب بالإضافة لخصمها اللدود إيران التي تسعى لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء المنطقة. كما شعر السعوديون أيضا بالقلق العميق من الربيع العربي الذي شهد انهيار أنظمة كانت ثابته وراسخة علاوة على قلقهم من الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران وصعود تنظيم داعش. منذ تولي الملك سلمان العرش قبل عام، كثفت السلطات السعودية القمع الحكومي لدرجة شديدة. حيث حدد القانون الجديد لمكافحة الإرهاب - والذي صدر قبل وقت قصير من تولي سلمان السلطة - الإرهاب وعرفه بأنه أي فعل جنائي بقصد تقويض النظام العام فضلا عن أي "فكر ضال" يشكك في الوهابية وهي المذهب الأصولي للإسلام السني الذي يهيمن على جميع نواحي الحياة في السعودية.
ما هو تأثير هذا القانون؟
وفق هذا القانون، فإن أي شكل من أشكال المعارضة يحاكم بوصفه جريمة. وخلال العقدين الأخيرين ارتفع معدل الإعدامات، حيث تم تنفيذ إعدام علني بقطع الرأس لأكثر من 150 شخص عام 2015 و 47 في الأسبوع الأول فقط من هذا العام، بما في ذلك إعدام رجل دين شيعي بارز، وهو الأمر الذي دفع إيران لقطع العلاقات الدبلوماسية . ولتحذير المجتمع السعودي كي لايكون أكثر ليبرالية وعلمانية، جلد النظام رائف بدوي المدون البارز وقام بسجن المحامي الذي ترافع للدفاع عنه. وعندما اشتكت زوجة المحامي على تويتر حول اعتقاله، سجنت هي الأخرى أيضا.
من الذي يدفع بهذه الحملة في فرض النظام؟
يقف وراء هذه الحملة مجموعة جديدة من القادة. فقد خضع آل سعود لقيادة كبار السن من أبناء عبدالعزيز بن سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة لعدة عقود. غير أن الملك سلمان (80 عاما) اختار أن لايسمي احد أخوته غير الاشقاء لخلافته وبدلا من ذلك عين ابنه محمد بن سلمان آل سعود (30 عاما) وليا لولي العهد ووزيرا للدفاع، ومن الواضح أن محمد هو القوة والسلطة الحقيقية وراء العرش. وعلى عكس كبار السن من الأسرة، وهم الجيل الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، فقد ارتاد محمد جامعة سعودية وتعرض للقليل من الثقافة الغربية، وتتسم سمعته "بالغطرسة والقسوة" كما يقول بروس ريدل من معهد بروكينجز.
مالذي فعله محمد؟
سقط الأمير الشاب مباشرة الى حرب متهورة في اليمن. فقد ذكر تقرير صادر عن خدمات الاستخبارات الخارجية الألمانية BND "جرى استبدال الموقف الدبلوماسي السابق والحذر الذي تبناه كبار السن من القادة داخل الأسرة المالكة بسياسة جديدة متهورة في التدخل". تخوض السعودية صراعا مع إيران للصدارة على الشرق الأوسط. وقد جلب صعود حكومة شيعية في العراق ذلك البلد بقوة إلى المعسكر الايراني الذي سبقته إليه لبنان، كما أصبح الصراع في سوريا حربا بالوكالة بين نظام الأسد المدعوم من ايران والميليشيات الممولة من قبل السعوديين. لذلك، عندما أطاحت ميليشيات الحوثي الشيعية بالحكومة اليمنية تحرك محمد بسرعة لمنع بلاده من أن تصبح مذيلة بقوة شيعية. وعلى الرغم من أن الغارات الجوية السعودية قد قتلت الآلاف من المدنيين اليمنيين، إلا أن الأمير بقي رابط الجأش.
ماذا عن السياسة الداخلية؟
يقول محمد انه يعتزم إجراء إصلاحات شاملة وإعادة تشكيل السوق الاقتصادية. اعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كامل تقريبا على عائدات النفط لمدة 80 عام. وتسبب ارتفاع أسعار النفط في ثروة هائلة مكنت الحكومة من تمويل دولة الرفاهية السخية دون فرض أي ضريبة على الدخل. ويتم معظم العمل الفعلي من قبل الأجانب، فهناك جيش كبير يقرب من تسعة ملايين مهاجر من جنوب آسيا والشرق الأوسط يقومون بخدمة نحو 18 مليون سعودي. حيث يعمل السعوديين إلى حد كبير في القطاع العام المتضخم ويتقاضى الكثير منهم رواتب كبيرة مقابل القليل من العمل. ولكن هذا النموذج أصبح غير قابل للاستمرار لأن المواطنين تحت سن 25 يشكلون أكثر من نصف السكان وليس هناك ما يكفيهم من الوظائف عندما يصلون لسن العمل. والأسوأ من ذلك أن انهيار أسعار النفط - من 115 دولار للبرميل في عام 2014 إلى أقل من 35 دولار الآن - يعني عدم وجود ما يكفي من المال المتدفق لاستمرار الإمتيازات على هذه المستويات السخية.
لما لا؟
في الماضي، عندما انخفضت أسعار النفط، خفض السعوديون الانتاج بغرض رفع الأسعار. ولكنها هذه المرة واصلت ضخ النفط بكميات وافرة بهدف الحفاظ على حصتها في السوق العالمية من خلال دفع منتجي النفط ذو التكلفة المرتفعة للتوقف عن العمل، لا سيما صناعة النفط الصخري الأمريكي. لكن الانخفاض الحاد في الإيرادات يتطلب تخفيضات مؤلمة في الدعم والنفقات التي يعتمد عليها الكثير من السعوديين.
كيف سيكون رد فعل السعوديين حيال تلك التخفيضات؟
هذه احدى الأشياء التي تثير قلق العائلة المالكة. هناك اتفاق ضمني منذ فترة طويلة بين الشعب السعودي وحكامهم يقتضي بأن يتحمل الشعب الغياب الكامل للحرية السياسية وانتقاد الحكومة في مقابل الحياة الميسرة والمزايا السخية. فالكثير من السعوديين أغنياء بما فيه الكفاية للسفر إلى البحرين أو دبي لقضاء عطلة نهاية الاسبوع، حيث يمكنهم هناك شرب الكحول ويمكن للنساء نزع براقعها. وعلى الرغم من أن أغلب المواطنين ضمن الطبقة المتوسطة إلا أن نحو خمس السكان في الواقع فقراء، وإذا مانفذ محمد بن سلمان تعهداته باستبدال الرعاية الصحية المجانية بنظام قائم على التأمين وكذا خصخصة التعليم حزئيا، فإنهم سيعانون. يقول المحلل البرتو جالو "مع انخفاض الإنفاق الاجتماعي وخفض الإعانات، يأتي خطر ارتفاع الاضطرابات الداخلية".
الأقلية الشيعية المضطهدة.
يقول النظام السعودي أنه أعدم رجل الدين الشيعي نمر النمر بتهمة الإرهاب، لكن المنتقدين يقولون ان السبب الحقيقي هو نشاطه في تنظيم الأقلية الشيعية وإدانة آل سعود. يشكل الشيعة 15 في المئة من السكان في المملكة العربية السعودية ويتعرضون للتمييز الشديد ضدهم. حيث يتم استبعادهم من الوظائف الحكومية الميسرة، كما يروج التلفزيون السعودي ورجال الدين السعوديين للدعاية المناهضة للشيعة بشكل روتيني. لمدة ثلاث سنوات، ينفذ الناشطين في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في الإحساء والمتاخمة للأغلبية الشيعية في البحرين الإحتجاجات التي تكون عنيفة في بعض الأحيان. قال الناشط الشيعي فاضل الصفواني لمراسل هيئة الإذاعة البريطانية "أنت تقف الآن على رأس حقول النفط التي تغذي العالم كله، لكننا لا نرى شيئا منها. فقط الفقر والجوع والمهانة وانعدام الحرية السياسية، ليس لدينا شيء". أرسل آل سعود من خلال إعدام نمر النمر إشارة واضحة بأن شيئا لن يتغير. في الواقع، حتى مجرد التذمر من التمييز ضد الشيعة سيتسبب بقطع رأسك.
http://theweek.com/articles/601880/there-are-big-changes-underway-saudi-arabia
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق