الاثنين، 8 فبراير 2016

الإمبريالية والعدوان الذي تقوده السعودية على اليمن

صحيفة فايت باك الأمريكية
الأحد 7 فبراير 2016

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

لايزال الإعتداء الوحشي السعودي على الشعب اليمني مستمرا بعد ما يقرب العام منذ انطلاقه ولايوجد هناك نهاية واضحة في الأفق. في مارس 2015، بدأ التحالف العسكري بقيادة السعودية والمؤلف الى حد كبير من الممالك الرجعية الأخرى في مجلس التعاون الخليجي تدخله العسكري في اليمن. وقد انطلق هذا التدخل تحت إسم عملية عاصفة الحسم كرد فعل على إسقاط الحكومة اليمنية الفاسدة بواسطة التمرد الشعبي الحوثي.

خلفت عملية عاصفة الحسم حتى اليوم  2800 قتيل في صفوف المدنيين في  اليمن - بينهم العديد من الأطفال - وتسببت في تشريد الآلاف. ورغم كل المجازر والأعمال الوحشية، إلا أن تدخل المملكة العربية السعودية يأتي انطلاقا من موقع الضعف لا القوة. وبالنظر إلى المقاومة الشعبية الجماهيرية والمعارضة الدولية واسعة النطاق، فإن حظوظ عملية عاصفة الحسم سيئة للمملكة العربية السعودية وداعميها الإمبرياليين.

أغرقت الإحتكارية الرأسمالية العالم في أزمة عميقة، حيث تسلك الولايات المتحدة وشركائها مثل المملكة العربية السعودية طرقا وحشية على نحو متزايد في سبيل الحفاظ على سيطرتها على المنطقة الغنية بالنفط، غير أن هذه الإجراءات تواجه بمقاومة شرسة من قبل القوات المناهضة للإمبريالية في الشرق الأوسط. انتفاضة الحوثيين في اليمن هي جزء من معسكر المقاومة هذا والتدخل العسكري بقيادة السعودية يتسبب في تآكل قواعد الإمبريالية في المنطقة.

تاريخ اليمن الثوري

اليمن لديها تاريخ حافل بمقاومة الهيمنة الأجنبية. فبسبب موقعها الاستراتيجي في خليج عدن، لفتت اليمن انتباه كلا من الإمبراطوريتين البريطانية والعثمانية اللتان استعمرتا وقسمتا اليمن إلى إقليم الشمال وإقليم الجنوب في عام 1904. وعقب تفكك الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، استمرت بريطانيا في ممارسة السيطرة على اليمن من خلال الحكام والسلاطين الفاسدين، تماما كعلاقة الولايات المتحدة مع دول الخليج اليوم. ومع ذلك، أطاحت القوى الوطنية في شمال اليمن في عام 1962 بالملكية المدعومة من السعودية وبريطانيا، بوحي ودعم من حكومة جمال عبد الناصر المناهضة للاستعمار في مصر، وأعلنت الجمهورية العربية اليمنية مكانها.

انتشر هذا التمرد إلى جنوب اليمن في عام 1963 عندما اتحد الشيوعيين والقوميين لتشكيل جبهة التحرير الوطني في اليمن وأطلقت الكفاح المسلح من أجل التحرير. واجهت بريطانيا الهزيمة ومنحت الاستقلال لجنوب اليمن في عام 1964 وانسحبت من البلاد بعد عامين تماما. لتعلن حكومة جبهة التحرير الجديدة على الفور عن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) في عام 1970، كدولة حليفة مع الاتحاد السوفياتي وضعت لنفسها هدف بناء الاشتراكية.

وعلى مدى السنوات ال 20 التالية ظلت اليمن مقسمة - بين شمال رأسمالي ديمقراطي و جنوب يساري وطني - حتى وافقت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على اقتراح الوحدة في عام 1990. ومع ذلك، ثبت أن الوحدة كانت كارثية إقتصاديا بالنسبة للغالبية العظمى من الشعب اليمني. حيث انخفض نصيب الفرد من الدخل للعمال اليمنيين بنسبة 10٪ بين عامي 1989 و 1993. وفي الفترة نفسها، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية ووصلت نسبة البطالة إلى 25٪ كما أن حوالي واحد من كل ثلاثة يمنيين كان يعيش في فقر.

وفي حين كان معظم الشعب يعاني من مصاعب جمة نتيجة الوحدة، صنعت طبقة صغيرة من الأثرياء في الشمال مكاسب كبيرة في هذه الفترة من خلال خصخصة الصناعات المجتمعية الجنوبية ومصادرة الأراضي الزراعية وسرقة عائدات النفط من خزائن الحكومة. رهنت هذه الحكومة اليمنية الموحدة بقيادة علي عبد الله صالح نفسها أيضا بشكل وثيق للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وتسببت في السخط الشعبي والاحتجاج. وبعد اندلاع حرب أهلية قصيرة في الجنوب من قبل عناصر جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة، قمعت حكومة صالح الحزب الاشتراكي اليمني بشدة للقضاء على أي تحد لحكمه.

التمرد الحوثي والثورة الوطنية الديمقراطية

بعد ذلك بوقت قصير، واجهت حكومة صالح تحديا آخر لحكمها، هذه المرة من الشمال. حيث بدأ التمرد الحوثي في ​​عام 2004 بين السكان الشيعة الذين يعيشون في المناطق الريفية في شمال اليمن ويشكلون نحو ثلث سكان البلد بأكمله. واجهت المجتمعات الشيعية في اليمن الفقر المدقع والاضطهاد من صالح منذ ماقبل الوحدة. وتشكلت حركة الحوثيين، متأثرة بالفكر الديني التحرري لحسن نصر الله زعيم حزب الله، بهدف طرد الإمبريالية الأمريكية والهيمنة السعودية والحكام العملاء التابعين بهم.

وكجزء من موجة الانتفاضات العربية التي انطلقت شرارتها في عام 2011، انضم الحوثيين مع القوى الشعبية الأخرى في اليمن لدفع صالح خارج السلطة. وخوفا من فقدان اليمن باعتبارها مستعمرة جديدة، نصبت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية دمية أخرى في مكان صالح هو عبد ربه منصور هادي. واصلت حكومة هادي السياسات الاقتصادية الفاسدة لصالح وتخلت عن الإصلاحات السياسية المتفق عليها من قبل قوى المعارضة. ومثل صالح، أطلق هادي العنان أيضا للولايات المتحدة لإجراء هجمات الطائرات بدون طيار في جميع أنحاء البلاد.

وصلت الأزمة في اليمن إلى نقطة الغليان في عام 2014، عندما اقتحم المتمردون الحوثيون القصر الرئاسي في صنعاء عاصمة البلاد ووضعت هادي تحت الإقامة الجبرية. ونظرا لاستيلائها على سلطة الدولة وبعد أن بدأت في التمهيد لجمهورية ديمقراطية شاملة، تعرضت حكومة الحوثي فورا لحصار عسكري من قبل قوات تحالف دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية.

الامبراطورية تتلقى الصفعة

على العموم، لم يمض هذا التدخل على نحو جيد بالنسبة للمملكة العربية السعودية. فقد بدأ التحالف السعودي تدخله العسكري بحملة قصف جوي، لكنه أضطر في نهاية المطاف إلى الزج بقوات برية لقتال قوات الحوثي مباشرة. غير أن قوات التحالف شهدت خسائر عالية كما أنها فشلت إلى حد كبير في الاطاحة بالحوثيين من المراكز الحضرية المأهولة بالسكان في البلاد.

وعلاوة على ذلك، تسببت هذه الهجمات على اليمن في تشكيل جبهة موحدة كبيرة من الشركاء غير المرغوبين. حيث أعلن الرئيس المخلوع صالح و قسم كبير من الجيش الوطني اليمني في مايو 2015 تحالفهم مع حركة التمرد الحوثي بهدف هزيمة قوات التحالف التي تقودها السعودية. وعلى الرغم من أن صالح كان يحكم اليمن كحليف للولايات المتحدة قبل أن تجبره الاحتجاجات الشعبية على الإستقالة في عام 2012، إلا انه قد خرج في دعم القوى الديمقراطية الوطنية المقاومة للتدخل الأجنبي.

تواجهة السعودية معارضة دولية واسعة النطاق لحملتها في اليمن إلى حد كبير نظرا للكثير من الفظائع الموثقة التي ترتكبها قوات التحالف. حيث كشف تقرير لجنة الأمم المتحدة في يناير، والذي لم ينشر بعد، دليلا على استهداف "واسع النطاق ومنهجي" للمدنيين من قبل قوات التحالف، بما في ذلك "قصف الأحياء السكنية" و "معاملة مدن صعدة ومران بأكملها كأهداف عسكرية. "

ومع أن الولايات المتحدة لم تشارك بأي أنشطة في القتال، إلا أنها تقف بحزم وراء هذه الحرب الشرسة على اليمن. من وجهة نظرهم، فان تشكيل حكومة وطنية ديمقراطية بقيادة الحوثي في ​​اليمن قد يؤدي إلى معارضة هجمات الطائرات بدون طيار الامريكية ومواجهة العدوان الغربي على معسكر المقاومة. تجعل الإمبريالية الأمريكية العدوان بأكملة ممكنا بكل معنى الكلمة باعتبارها المورد الرئيسي للمملكة العربية السعودية للأسلحة والطائرات والمعدات العسكرية التي تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات.

الأزمة والمقاومة في شبه الجزيرة العربية

تعيش الإمبريالية الأمريكية فترة أزمة عميقة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط. حيث انتهى احتلال العراق بهزيمة الولايات المتحدة وحكومة الاحتلال تاركة الحكم الآن مائلا باتجاه إيران، وفشلت محاولاتها لزعزعة استقرار الحكومات الديمقراطية الوطنية في إيران وسوريا. كما اهتزت القوى الديمقراطية الشعبية في دول مثل البحرين واليمن، وفي بعض الحالات، تمت الإطاحة بالحكومات العميلة التي طال أمدها.

في وسط هذه الانتصارات تبرز القوى المناهضة للإمبريالية في الشرق الأوسط، والتي يتكون منها معسكر المقاومة. حيث يرتكز معسكر المقاومة على جمهورية إيران الإسلامية ليشمل أيضا الجمهورية العربية السورية وحزب الله والقوى الوطنية اللبنانية ومنظمات التحرير الفلسطينية وغيرها من الحركات الوطنية الديمقراطية المتحالفة في الشرق الأوسط.

ويعكس اعتداء المملكة العربية السعودية على اليمن تنامي اليأس لديها وقدراتها الضعيفه على التأثير في المنطقة. فقد استثمرت المملكة العربية السعودية بشكل كبير بالتعاون مع الولايات المتحدة وتركيا وممالك مجلس التعاون الخليجي في سبيل إسقاط الحكومة السورية من أجل توجيه ضربة ضد إيران، أكبر منافسيها على النفوذ الإقليمي. فشلها في إسقاط الأسد - ويرجع ذلك جزئيا إلى تدخل حزب الله وإيران وروسيا - بالإضافة إلى عدم قدرتها على السيطرة على الجماعات المعارضة المناهضة للأسد مثل تنظيم الدولة الإسلامية، ساهم في التراجع الحاد لنفوذ المملكة العربية السعودية.

وباعتبارها ملكية دينية عفا عليها الزمن شيدها العمال المهاجرين المستوردين مستغلة لمواردها الطبيعية، فإن الثروة جعلت آل سعود عرضة للأزمات الإمبريالية. حيث غمر النظام الملكي السعودي السوق العالمية بالنفط الرخيص خوفا من زيادة إنتاج النفط المحلي في الولايات المتحدة مما أدى إلى مزيد من الانخفاض والهبوط في أسعار الطاقة. ونتيجة لذلك، تواجه البلاد عجزا كبيرا نتيجة الانخفاض في عائدات النفط وتآكل ثقة المستثمرين من قبل القوى الامبريالية.

يتفاعل نظام الحكم في السعودية بشكل كبير مع هذه الأزمة المتفاقمة من خلال القمع السياسي الوحشي الغير متكافئ. وتبث حركات المعارضة الرعب في نفوس آل سعود الذين يعززوا الطائفية المعادية للشيعة لحشد التأييد للعدوان ضد إيران. وقد تسبب هذا الخوف في اتخاذ إجراءات قاسية على نحو متزايد، مثل إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر، جنبا إلى جنب مع 46 من المعارضين والسجناء الآخرين في بداية عام 2016.

كما تبالغ المملكة العربية السعودية في الحديث عن مستوى الدعم الإيراني للتمرد الحوثي. لقد أعرب مسؤولون ايرانيون عن تضامنهم مع الحوثيين كجزء من معسكر المقاومة. وتشير التقارير إلى أنهم قاموا بتسليم أسلحة إلى المتمردين ردا على الهجوم الوحشي لدول مجلس التعاون الخليجي. وفي مواجهة التهديدات التي تلوح في الأفق من العدوان الأمريكي والإسرائيلي، فإن ايران لديها مصلحة واضحة في رؤية الحركات المناهضة للإمبريالية مثل الحوثيين وقد وصلت إلى السلطة لأن ذلك يقوي معسكر المقاومة.

ومع ذلك، فإن التمرد الحوثي ليس جيشا وكيل لإيران كما تصوره وسائل الاعلام الغربية. فهي حركة شعبية لها جذور قوية متغلغلة في الشعب اليمني الذي تعرض لما يكفي من الوحشية عن طريق القوى الامبريالية. وموقفهم في مواجهة العدوان المستمر يستحق منا الدعم والتضامن.

http://m.fightbacknews.org/2016/2/7/imperialism-and-saudi-led-assault-yemen
---------------------
للاشتراك في قناة ترجمات عبر تيليجرام:
http://telegram.me/tarjamat
او متابعة مدونة قضايا على الرابط:
http://kathaya.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق