الأربعاء، 24 فبراير 2016

المتمردون اليمنيون يشكلون تهديدا متزايدا في جنوب المملكة العربية السعودية

بقلم: هيو نايلور
صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية
الأربعاء 24 فبراير

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

نجران، السعودية - ينتشر الالاف من جنود القوات السعودية في التلال القاحلة على طول الحدود مع اليمن، وتكافح هذه القوات من أجل وقف الهجمات عبر الحدود من جانب المتمردين اليمنيين الذين يقومون بإطلاق الصواريخ وتنفيذ عمليات برية قاتلة.

قتل المقاتلون اليمنيون وأسروا المئات من الجنود السعوديين في الصراع الذي يضع السعودية في مواجهة أكبر التحديات على أراضيها منذ سنوات. وقد سقطت الآلاف من قذائف الهاون والصواريخ التقليدية على المدارس والمساجد والمنازل في مدينة نجران التي يقطنها مئات الآلاف من السكان وتبعد فقط بضعة أميال من الجبال في شمال اليمن.

وتأتي هذه الهجمات الحدودية ردا على الحرب الجوية والبرية المدمرة التي شنها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن العام الماضي. وقد امتد هذا الصراع بدوره عبر الحدود متسببا في عواقب وخيمة بحسب قول اللواء سعد العليان، الذي يقود أكثر من عشرون ألف جندي سعودي على طول الحدود الجنوبية الممتدة 1100 ميل.

قال عليان "في الأسبوع الماضي فقط، قتل 10 من رجالي في الحدود على أيدي هذه الميليشيات". حيث يتعرض جنوده في المعركة لكمائن معقدة ومحكمة جدا ينفذها المتمردون اليمنيون - والمعروفين باسم الحوثيين - ووحدات من الجيش اليمني المنشق.

وخلال المقابلة التي تمت معه في مقره الذي تعرض لقصف صاروخي في نجران، قال العليان "بعض جنودي قتلوا في كمين، وتم إطلاق النار عليهم بدم بارد" من قبل المتمردين.

يحاول سكان نجران المضي في حياتهم بشكل طبيعي، ولكن الندوب التي خلفتها الهجمات اليمنية تعكس مدى الوحشية التي أصبح عليها القتال. تلك الحفر في الشوارع، التي تبدو وكأنها شقوق وأخاديد، هي في الواقع آثار قذائف الهاون المنفجرة. في حين أغلقت العديد من المدارس وتعرض البعض منها لهجمات بصواريخ كاتيوشا وغراد، و تم نقل الآلاف من السكان الذين يعيشون في المناطق الحدودية إلى مناطق أكثر أمنا، كما تم اغلاق مطار نجران أمام حركة الطيران المدني بسبب القتال.

وقال عبد الله ناصر، 41 عاما، مسؤول في إحدى رياض الأطفال في نجران التي ضربها صاروخ منذ عدة أشهر "تأتي الهجمات فجأة، ولا يمكنك أن تفعل شيئا حيالها". لحسن الحظ لم تقع اصابات، قالها ناصر وهو يمشي على ركام قاعة  المدرسة المدمرة.

قتل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن - ويضم الدول الإسلامية السنية في معظمه - الآلاف من المدنيين وتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية في البلد الفقير اليائس. وقد جاء التدخل السعودي لوقف اعتداءات الحوثيين أتباع الطائفة الزيدية الشيعة الذين أطاحوا بالحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في العام الماضي. ويتهم مسؤولون سعوديون الحوثيين بالعمل كوكلاء لإيران، التي تعد القوة الشيعية والمنافس الاقليمي الأبرز للسعودية.

وفي المقابل، يسعى الثوار المتمردون والوحدات العسكرية المتحالفة الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لإلحاق الألم بالمملكة العربية السعودية من خلال شن هجمات مكثفة عبر الحدود. تبث وسائل الإعلام التابعة للحوثي تقارير منتظمة تصور الثوار وقد اقتحموا في عمق المناطق الجنوبية من المملكة، بما في ذلك قرب نجران.

تمتد مدينة نجران بمبانيها السكنية الرتيبة والمنخفضة وتفتقر إلى صخب ونشاط العاصمة الرياض التي تبعد عنها حوالي 500 ميلا إلى الشمال. تضم المدينة القديمة التي يعود تاريخها إلى مئات السنين العديد من المحلات الغريبة التي تبيع خناجر الزينة والملابس الصحراوية التقليدية والتوابل.

كان المكان سيبدو مثل قرية هادئة لولا الصراع المحتدم.

ويأتي القتال وسط موجة من الهجمات التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية في المملكة، بما فيها ذلك التفجير الانتحاري الذي نجم عنه مقتل احد المصلين في مسجد في نجران اكتوبر الماضي. وعلاوة على ذلك، اضطر المسؤولين السعوديين إلى حشد عدد هائل من الجنود على طول الحدود اليمنية في الوقت الذي تعاني فيه السعودية من ضائقة مالية نتيجة تراجع أسعار النفط والنفقات الباهظة التي تشمل الدعم المتزايد للقيادة الاستبدادية في مصر وكذا دعم المتمردين في الحرب الأهلية في سوريا.

يقول تيودور كاراسيك، وهو محلل متخصص في قضايا أمن الخليج الفارسي ويقيم في دبي "تهديد الحوثي وصالح لجنوب السعودية كان أكثر من المتوقع".

وعلى الرغم من أن مناطق الجنوب جزء من الأراضي السعودية، إلا أن إليمن تدعي ملكيتها التاريخية لهذه المناطق، حيث يربط سكان نجران والأراضي المحيطة بها صلات عائلية وثقافية قوية بالمجتمعات المحلية في اليمن.

بالإضافة إلى أن غالبية السكان في نجران من الإسماعيليين، وهم فرع من المذهب الشيعي. وقد اشتكوا طويلا من التمييز ضدهم من قبل السلطات السعودية التي تتبنى رسميا شكلا محافظا من الإسلام السني الذي يدين الشيعة ويعتبرهم مرتدين عن الإسلام.

يقول كاراسيك "ينظر إلى الإسماعيليين من قبل النخبة السعودية المحافظة على انهم زنادقة مهرطقين" مشيرا إلى أن هجوم المتمردين اليمنيين على المنطقة يبدو أنه لاختبار ولاء الإسماعيليين.

لكن يقول بعض السكان الإسماعيليين في نجران أن حرب اليمن فعلا حسنت العلاقات مع السلطات السعودية. حيث يقول عبد الله سدران أن مسؤولي الجيش والحكومة حاولوا الوصول إلى السكان الإسماعيليين خلال الأزمة.

يضيف سدران البالغ من العمر 52 عاما ويعيش في نجران "هناك شعور بأن التمييز قد انخفض، لكنك تشعر أن الحكومة لم تفعل الكثير للحد من المتطرفين الذين يدعوننا بالكفار".

يقول فهد ناظر وهو محلل سياسي سابق في السفارة السعودية في واشنطن، ان القوات العسكرية ورجال القبائل المحليين يلتأمون حول القضية السعودية.

وأضاف "هناك العديد من أشرطة الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر زعماء القبائل في نجران وجيزان يقرأون الشعر معربين عن امتنانهم للقوات المرابطة هناك" في اشارة الى منطقة جيزان في السعودية التي تتعرض هي الأخرى لهجوم المتمردين اليمنيين.

يقول العقيد ياسر القحطاني أنه لاحظ وجود الشعور بالتضامن أثناء الصراع. يرأس القحطاني الدفاعات الجوية حول نجران، بما فيها بطاريات صواريخ باتريوت التي تدافع عن المنطقة من صواريخ سكود اليمنية وهي قذائف بعيدة المدى قادرة على إيصال حمولة كبيرة.

في الأيام الأخيرة، قال القحطاني انه عرض نظام الدفاع الصاروخي الامريكي الصنع لصحفي زائر عندما تحدث عن المعاناة التي يعيشها المدنيين والجنود.

وقال القحطاني (43 عاما) وهو من سكان نجران وأب لأربعة أبناء "كنت في العمل عندما دمر صاروخ بيتي هنا، لحسن الحظ، لم تكن عائلتي في البيت، وإلا لكانوا جميعا قد قتلوا". وأضاف "نحن جميعا معا في هذه الحرب".

شاركت شيخة الدوسري في إعداد هذا التقرير.

https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/yemeni-rebels-pose-a-rising-threat-in-southern-saudi-arabia/2016/02/23/ab8f0eaa-d1e4-11e5-90d3-34c2c42653ac_story.html#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق