آسيا تايمز - هونج كونج
سلمان رافي - محلل وكاتب باكستاني وباحث في العلاقات الدولية.
16 أكتوبر 2015
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
سلمان رافي - محلل وكاتب باكستاني وباحث في العلاقات الدولية.
16 أكتوبر 2015
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
قد يبدو أن المملكة العربية السعودية جادة حول "التعاون" مع روسيا في "القضاء" على الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق، بيد أن الدافع الحقيقي وراء هذا التعاون وتعميق المشاركة مع موسكو ربما تكون الحاجة المستمرة لتحقيق الاستقرار في سوق النفط. هذا لا يعني، على أي حال، أن السعودية لا تسعى للتأثير على روسيا فيما يتعلق بالحملة العسكرية الأخيرة في سوريا. لايمكن للرياض منع الروس من المشاركة عسكريا في سوريا، لكنها تسعى بالتأكيد للتأثير على النتائج من خلال إعادة الانخراط مع الروس والوصول لما أسماه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "التفاهم المتبادل". ولكن إن كانت السعودية جادة فعلا في القضاء على داعش والشبكات الإرهابية الأخرى، فلا يمكنها دعم داعش والقاعدة في اليمن ضد الحوثيين، ولا يمكنها الاستمرار في سياسة دعم هذه الجماعات بالوكالة في اليمن بعد الفشل الذريع لهذه السياسة ذاتها في سوريا. كما يتضح، لا يبدو أنهم تعلموا أي درس من فشلهم هناك. تقول التقارير أن جماعة داعش استقوت في اليمن بسبب الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه المملكة العربية السعودية. ومنذ إعلانها الرسمي "لقد وصلنا" في أبريل الماضي، قامت داعش بتبني وتنفيذ العديد من العمليات في البلاد.
يقول بايومي أزيكيوي، رئيس تحرير البوابة الإفريقي للأخبار، أن الإسلاميين الراديكاليين يتمتعون بدعم قوي في اليمن وأكد أنه مقتنع بان التحالف السعودي يعتمد على تقارير الاستخبارات الأميركية في كل عملياته. وضحت داعش أهدافها في اليمن في شريط فيديو مسجل على لسان أحد قادتها الذي قال "لقد جئنا إلى اليمن، برجال متعطشين لدمائكم للانتقام لجماعة السنة واستعادة السيطرة على الأراضي التي احتلت". يتوافق هدفهم تماما مع أهداف المملكة العربية السعودية التي تحاول، أيضا، تحرير الاراضي التي احتلها المقاتلون الحوثيون منذ بداية الصراع. في الواقع، فإن الهدف هو "تحرير" أرض الحوثيين مرة واحدة وإلى الأبد. ومن ثم تفجر داعش الحوثيين. رغم أن الإعلان رسميا عن وصول داعش كان في أبريل، فإن أول هجوم تبنته داعش كان في مارس وقد خلف الهجوم 150 قتيلا على الأقل وأكثر من 300 جريح.
تاريخيا، كانت اليمن المغذي الرئيسي للجماعات الجهادية وضخ المقاتلين إلى أفغانستان، العراق، سوريا، ليبيا الخ. وهذا يعني أن داعش لديها مخزون من المقاتلين تحاول الإستفادة منه. وفقا لبيان رسمي يمني، فإن داعش مشاركة بالفعل في الدعاية ضد تنظيم القاعدة لفصل مقاتليهم بعيدا عن التنظيم. يقولون أنهم أفضل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لتجنيد وتمويل العمليات ضد الحوثيين كونهم يملكون تمويل أكثر من تنظيم القاعدة في إشارة ربما إلى الممول "السري" لهم في اليمن. في حين أن داعش في سوريا والعراق لديها "النفط مقابل المال" لتمويل عملياتها، فإن هذا المصدر لم يتوفر لهم في اليمن. ورد عن عميد سابق من داخل تنظيم القاعدة، والذي يدير الآن شركة استشارات أمنية في منطقة الخليج، أنه قال " بدأت داعش بإنشاء سيطرتها في اليمن قبل عام بحوالي80 شخصا. ولكن قوتهم نمت إلى حوالي 300 مسلح. وفرة التمويل في خزائن داعش، وعجز تنظيم القاعدة في مهاجمة الحوثيين بانتظام، ومقتل قادة تنظيم القاعدة في هجمات الطائرات بدون طيار أثبطت مؤيديها المعتادين، وأدت إلى سلسلة من الانشقاقات". وأضاف " تحل داعش محل تنظيم القاعدة وتقدم نفسها كبديل ذي مصداقية".
من المرجح أن ظهور داعش سيقود لتكثيف الصراع بينها وبين القاعدة في جزيرة العرب. تقف السعودية كأكبر مستفيد من هذا، كون داعش والقاعدة، وهي كذلك بالفعل، توجه طاقاتها لقتل الحوثيين والمتعاطفين معهم في اليمن. مع قيام السعودية بتوفير نوع من الـ " غطاء الجوي"، بخبث أو بعفوية، لكلا من القاعدة وداعش، فإن هاتين القوتين من المحتمل أن تكثف حملتها ضد الحوثيين. السعودية، بهذه الطريقة، تعتمد على داعش والقاعدة في العمليات البرية كون القوات السعودية فشلت مرارا في تحقيق الأهداف المرجوة منها. في واقع الأمر، يمكن قياس فعالية هذه الطريقة من حقيقة أن السعودية تمكنت بالتعاون مع ميليشيات ما يسمى بالـ "الحراك الجنوبي" وفي محاولة ناجحة من استعادة عدن التي كانت تحت سيطرة الحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحالف القوات السعودية في الواقع يتشارك السيطرة على مدن جنوب اليمن مع المتشددين من تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب دون أن يمثل هذا تحديا لهم في أي وقت مضى باستثناء جماعة إرهابية دخلت مدينة زنجبار و عدن في جنوب اليمن وتشاركت السيطرة على هذه المناطق مع قوات التحالف السعودي. أربك سكان هذه المدينة الساحلية مراسلو رويترز حين أشتكوا أن المدينة امتلأت بمقاتلين متشددين يحملون الراية السوداء بعد رحيل الحوثيين.
يمكن تفسير هذا بكل بساطة. ميليشيات القاعدة في جزيرة العرب وقوات التحالف السعودي ليسوا حلفاء، لكن نظرا للحاجة الماسة إلى شن هجوم في الجزء الأوسط من البلاد، فقد قررت السعوديه عقد اتفاق مع الجماعات الإرهابية وبدورها ستعطيهم "بسعادة" السيطرة على المدن الجنوبية. تواجه السعودية في الوقت الحالي تهديدا ليس من الحوثيين فقط. تتضاعف شدة هذا التهديد عند أخذ عامل الشيعة المحليين في السعودية في الاعتبار. في حال قرر السكان الشيعة في المملكة الانضمام إلى الحوثيين ضد الطاغية المشترك فقد تجد السعودية نفسها مطوقة من الداخل و الخارج. مثل هذا التحالف بين الحوثيين والسكان الشيعة في المملكة سيوفر أيضا قوة دفع إضافية لداعش، التي تزدهر بالطائفية، لزيادة وجودها في اليمن و مضاعفة هجماتها أيضا. السعودية ليست منتصرة في الحرب وهذا يجعلها يائسة. بتزامن هذا مع عدم قدرة السعودية على إطلاق العمليات البرية و الفوز في المعارك تكون السعودية قد وصلت إلى نقطة الإنهيار. في خضم يأسها من تجنب هزيمة أخرى بعد سوريا لن تقوم السعودية فقط، سواء رغبت أو لم ترغب، بالدعم المباشر وغير المباشر لكل الجماعات التي على استعداد لمواجهة الحوثيين، لكنها أيضا ستسعى لاستدراج جيوش الدول الأخرى إلى منطقة حرب.
قبل أيام قليلة، تحدثت وكالات الأنباء عن نقل 800 من الجنود المصريين إلى اليمن. على الرغم من أن مصر رفضت في وقت سابق المشاركة في الصراع فقد قررت الآن القيام بعمل حاسم. يبدو أن دفع دولة الإمارات المال لشراء سفن حربية فرنسية للجيش المصري وتعهد العائلة المالكة السعودية بإعادة تسليح القوات المصرية قد أجبرت القاهرة على المشاركة في الحرب. ومع ذلك، فإن المشاركة في العمليات البرية لايزال، كما كان، أقل من المتوقع. أقصى التوقعات لما يمكن فعله هو الحفاظ على سيطرة مابين أيديهم من الأرض. وبالنظر إلى الأوضاع الداخلية غير المستقرة في المملكة والوضع في اليمن كنتيجة لتصاعد وتيرة الحرب التي توسعت وتعقدت كثيرا، فإنه لايمكن توقع أن تصبح السعودية وداعش "حلفاء" بالمعنى الحرفي للكلمة. ففي حين أنهما يواجهان عدوا مشترك إلا أن داعش أعلنت" الجهاد" ضد المملكة نفسها. على سبيل المثال، أعلنت داعش مسؤوليتها عن التفجيرات الأخيرة التي استهدفت فندق القصر وأهداف أخرى مستخدمة من قبل قوات التحالف العربي في عدن. ومع ذلك، ورغم تبني داعش للعملية، فإن وكالة الأنباء الرسمية في دولة الإمارات اختارت أن تربط المسؤولية عن هذة التفجيرات بالحوثيين. وعند سؤال المسؤولين في التحالف عن سياستهم في مواجهة القاعدة وداعش في اليمن يقولون أنه سيتم التعامل مع هذة الجماعات بمجرد عودة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المخلوع من قبل الحوثيين في يناير الماضي، وهذا يعني، سواء بقصد أو بدون قصد، وحتى إن عادت الحكومة، أن قوات التحالف العربي و هذه الجماعات الإرهابية لا يزالون شركاء رغم عدم الارتياح بأن يكونوا "حلفاء".
http://atimes.com/2015/10/saudis-desperate-as-they-are-not-winning-the-war-in-yemen/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق