ياسمين براون
صحيفة الإندبندنت
ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب
إيران ليست جديرة تماما بثقة إسرائيل وأمريكا. كوريا الشمالية تحمي أسرارها النووية ويحكمها رجل شديد وغريب الأطوار. الطموحات الإقليمية لبوتين تعد بمثابة إنذار للشعوب الديمقراطية. تنظيم الدولة "داعش"، الخطر الأحدث، والطفل المتوحش للإسلاميين، قد صدم العالم كله. لكن مع كل ذلك، يجب أن تكون المملكة العربية السعودية على رأس هذه القائمة، هذه الدولة المنحطة، الخبيثة، والقوية التي لا ترحم، خطرة مثل أي من تلك المذكورة أعلاه. تنقل هذه الدولة، بشكل منتظم، مفهومها المريض للإسلام إلى جميع أنحاء العالم، تمول وتحرض على الكراهية، في الوقت الذي تنتهك فيه حقوق وكرامة الإنسان. لكن الغرب ينحني راكعا لحكامها.
في الاسبوع الماضي تم تعيين السعودية رئيسا لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وهو خيار رحبت به واشنطن. وقال مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية "نحن نتحدث معهم عن بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان. نأمل من خلال هذا الدور القيادي أن تتاح لهم الفرصة للنظر في حقوق الإنسان حول العالم، وكذلك داخل بلادهم".
الأكثر فجاجة، أن السعودية تعدم شخص واحد كل يومين. قريبا سيتم قطع رأس علي محمد النمر ثم يصلب، لمشاركته في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في السعودية أثناء الربيع العربي رغم أنه كان في سن المراهقة. رائف بدوي، المدون الذي تجرأ على الدعوة إلى الديمقراطية، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات و 1000جلدة. في الأسبوع الماضي، قتل 769 من المسلمين في مكة المكرمة أثناء تأديتهم لشعائر الحج. في البداية، قال المسؤولون أنها كانت "إرادة الله" ومن ثم ألقوا بعد ذلك باللوم على القتلى. كانت مكة فيما مضى مكانا للبساطة والروحانية. اليوم، الجشع السعودي جرّف المواقع التاريخية المقدسة وحولها الى لاس فيغاس للإسلام، تزدحم بالفنادق وناطحات السحاب ومراكز التسوق لغرض الإنفاق، والإنفاق، والإنفاق. لم يعد بمقدور فقراء المسلمين الذهاب للأماكن المقدسة. بإمكان السلطات السيطرة على أعداد الحجاج لضمان السلامة، ولكن ذلك قد يكون مدمرا لتحقيق أرباح. يسرد ضياء الدين سردار كتابا لاذعا عن مكة: المدينة المقدسة، ويصف تدنيس أقدس موقع في الإسلام.
الأكثر خطورة هو أن التأثير السعودي الخبيث ينتشر بسرعة وبحرية، حيث عرض الملك سلمان بناء 200 مسجد في ألمانيا للاجئين الذين وصلوا مؤخرا وغالبيتهم من المسلمين. لم يعرض أي مبلغ من المال لتوفير احتياجاتهم الأساسية أو إعادة توطينهم، فقط للمساجد الوهابية اللتي تمثل أحصنة طروادة للحملة السعودية السرية. العديد من المدارس الإسلامية الوهابية صارت الآن علامة تجارية عالمية. فهي تجعل القلوب والعقول ضيقة وموسوسة وتحرض المسلم على المسلم وتقوض الحداثيين.
الراحل لوران مورافيتش، وهو من المحافظين الجدد الفرنسيين، كتب في عام 2002 "إن السعوديين ينشطون في كل مستوى من مستويات سلسلة الإرهاب، من المخططين للممولين، من الكوادر للمجندين، من الأيديولوجيين للمشجعين". كانت سياسة مورافيتش بغيضة، ولكن ملاحظاته كانت في محلها. وللتذكير، فإن معظم القتلة في أحداث 11 سبتمبر كانوا سعوديين. وكذلك كان التسلسل الهرمي لتنظيم القاعدة.
في السنوات الـ 14 التي تلت أحداث 11/9، أصبح السعوديون أكثر عدوانية و أكثر تصميما على الفوز في الحروب الثقافية. صاروا يغدقون الأموال على العمليات والمنظمات الإسلامية، ويروجون للمذاهب المتشددة التي تمتهن النساء والأطفال ويلعنون القيم الليبرالية والديمقراطية. انهم يواصلون حملة قصف وحشية في اليمن خلفت الآلاف من القتلى المدنيين وأكثر منهم بكثير في حالة يرثى لها. ما الذي تفعله إذن مؤسساتنا الحاكمة لوقف اليد الخفية لهذا الشيطان؟ لاشيء. العائلة المالكة والحكومات المتعاقبة، والبرلمانيين، وعدد لا بأس به من المؤسسات والأشخاص ذوي النفوذ في بلادنا يلعقون بشكل جماعي أحذية الأسرة الحاكمة السعودية. أنا لم أر أي تحقيق تلفزيوني ثاقب يستقصي حول هذا النظام. نعلم جميعا أن هذا ليس جيدا، ولكن يتم قمع الأدلة. وقد حاول بعض الكتّاب كسر هذه المؤامرة الحقيرة. كتاب كريغ أنغر "آل بوش وآل سعود"، والذي نشر في عام 2004، أكد بما لايدع مجالا للشك أن المملكة العربية السعودية كانت المركز العصبي للإرهاب الدولي، وأن عائلة بوش كانت قريبة على نحو غير ملائم من هذا النظام. آمن الكثير منا أن ماكشفه الكتاب كان فضيحة أكثر دوياً من تلك التي أثارها الصحفيان كارل بيرنشتاين وبوب وودورد، اللذان كشفا الأكاذيب التي قالها ريتشارد نيكسون.
لن يتم ترويع هذا العدو القاتل أو ردعه بالسلاح. يعرف قادتنا ما يجري، فماذا يفعلون؟ يلتقطون المستضفين. لدى الحكومة الآن برنامج يفرض على المعلمين واجب الاحتراس من الشباب "المتطرفين" واكتشافهم في بدايتهم. وكذلك المعارضين الأكبر سنا أيضا. حتى الآن، تم التعامل مع 4000 حالة من الشبان المسلمين في إطار هذا البرنامج. إحدى هذه الحالات عمره فقط ثلاث سنوات. في مايو، تحدث طالب مدرسي مسلم حول "بيئة الإرهابيين" فتم أخذه بعيدا لاستجوابه حول ما إذا كان يؤيد تنظيم الدولة الإسلامية. الأكاديميين والمحامين والأطباء والممرضات من المتوقع أيضا أن يصبحوا جواسيس على البلاد. في الأسبوع الأخير، تم اتهام محمد عمر فاروق، وهو طالب في جامعة ستافوردشاير، بكونه إرهابيا لمجرد أنه كان يقرأ كتابا بعنوان "دراسات الإرهاب" في المكتبة. وفي الولايات المتحدة، اعتقل احمد محمد البالغ من العمر 14 عاما لأنه أخذ ساعة صنعها في المنزل إلى المدرسة. تسائل ريتشارد دوكينز في تغريدة فيما إذا كانت هذه الساعة جزء من "خدعة" تهدف الى القبض على محمد، قبل أن يتراجع.
يبدوا أن الغرب يؤمن بالحرية فقط بالنسبة للبعض. وأن كونك مسلما فهذا يعد جريمة. التطرف يمثل مشكلة خطيرة. يحاول المسلمين الليبراليين في الغرب التأثير على الآراء المتشددة والعدوانية للشباب المسلم، ولكننا عاجزون الى حد بعيد. فقادتنا لن يواجهون المملكة العربية السعودية، مصدر العدوى وغسيل المخ الإسلامي. لن يفعلون ذلك بسبب النفط والأرباح التي تحققها مبيعات الأسلحة. السياسيون الجبناء والإنتهازيون عديمي الأخلاق هم الخونة، هم التهديد الحقيقي للأمن القومي والتماسك الوطني.
كيف سيرد هؤلاء على هذه التهمة؟
http://www.independent.co.uk/voices/the-evil-empire-of-saudi-arabia-is-the-west-s-real-enemy-a6669531.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق