الجمعة، 23 أكتوبر 2015

إيران والسعودية تصعدان من حدة الخطاب العدائي إلى مستويات جديدة.

إيان بلاك - الغارديان
الجمعة 23 أكتوبر 2015

ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب

ألقت الرياض وطهران بالأعراف الدبلوماسية في مهب الريح ليهاجمان بعضهما البعض من دون تحفظات في كلا من سوريا واليمن. الحرب الدعائية بين إيران والسعودية، كغريمان لدودان يقفان على طرفي نقيض في أكبر الأزمات الحالية في الشرق الأوسط، تزداد سخونة مع تبادل شبه يومي للشتائم بين وزراء ووسائل إعلام البلدين.

في الأسبوع الماضي وحده ألقت شخصيات رفيعة المستوى من البلدين بالمجاملات الدبلوماسية لرياح الصحراء وهاجما بعضهما علنا، حيث صرح عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، يوم الأثنين بأن إيران تقوم باحتلال الأراضي العربية في سوريا لتدعم بشار الأسد. يرد حسين أمير عبداللهيان، نائب وزير الخارجية الايراني، بأن السعوديين لايملكون الأرضية المناسبة التي يستندون عليها في هذه الادعاءات وهم يحتلون اليمن -  حيث تدعم طهران المتمردين الحوثيين.

صعّدت إيران من لهجتها المعادية للسعودية مؤخرا بعد مأساة الحج في مكة المكرمة ولكنها دأبت على الهجوم في بداية الحملة التي تقودها السعودية في اليمن منذ مارس الماضي، بتنبؤ قائد الحرس الثوري "انهيار حكم آل سعود ... على خطى إسرائيل الصهيونية ". وبدأت وسائل الإعلام الموالية للسعودية بتسليط الضوء على الوضع في الأهواز (خوزستان أو عربستان)، جنوب غرب إيران، حيث يشكو المواطنون الناطقون بالعربية من التمييز، وهو موضوع مقصود  بشكل واضح لرفع غضب طهران. في أبريل، بثت القناة الأخبارية السعودية، وهي قناة فضائية تديرها الدولة، فيلم وثائقي يصف الأهواز بأنها "تحت الاحتلال من قبل القوات الفارسية". كما دعا خلف أحمد الحبتور، وهو رجل أعمال إماراتي بارز، إلى "تحرير الأحواز العربي" من إيران. يشوه مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي السعودي والإيراني، بشكل روتيني، سمعة بعضهم البعض تحت هاشتاقات استفزازية. يستنكر رجال الدين الإيرانيين المذهب الوهابي السعودي بينما ينتقد نظرائهم السعوديين الشيعة "المشركين".

يعود تاريخ العداء الإيراني-السعودي للثورة الإسلامية في إيران سنة 1979 والدعم السعودي للعراق خلال حربها التي استمرت ثماني سنوات مع ايران. تفاقم العداء بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، ومرة ​​أخرى خلال الربيع العربي حيث اتخذ الصراع الإستراتيجي المسحة الطائفية بشكل صريح - يسعى السعوديون السنة لتشويه صورة الشيعة الإيرانيين أو الزرادشتيين وكذلك العكس. لكن العداء المتبادل تصاعد بشكل حاد منذ توفي 1849 حاجا في حادثة تدافع مكة المكرمة حيث لم تألوا طهران جهدا في مهاجمة السعوديين لإدعاء آل سعود، بكل برود، أنهم خدام الحرمين الشريفين ، وهو اللقب الرسمي للملك.

هذه الحرب الكلامية مرتبطة بالإتفاق النووي الذي وقع في يوليو الماضي، والذي يعتبره الإيرانيين تذكرة للخروج من العزلة الدولية وينظر له السعوديين على أنه تنازل متهور من قبل رئيس أمريكي ضعيف قصير النظر . لاتجرؤ  الرياض وحلفائها الخليجيين على معارضة الإتفاق مباشرة، كما يفعل الإسرائيليين، وإنما التركيز على قضايا غير نووية مثل دور ايران وراء الكواليس في اليمن والبحرين بالإضافة لمشاركتهم، الأكثر علنا، في سوريا والعراق. يشكك خبراء مستقلين حول دعاوى السعودية بأنها ألقت القبض على مقاتلين من إيران وحزب الله اللبناني يقدمون المشورة للمتمردين الحوثيين. تدين وسائل الاعلام الايرانية بانتظام ما تصفه بالدعم السعودي لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وتشجب "الحرب النفسية" التي ينتهجها السعوديون. السعوديون، في المقابل، يتهمون الإيرانيين بالترويج للأكاذيب عبر وسائل الإعلام في دولتهم وفي لبنان. وصف الجبير دور إيران في المنطقة بالـ  "شائن" والحرب في اليمن على أنه صراع "بين الخير والشر".

في فصل الصيف، أعلنت الرياض عن خطتها لإطلاق خدمة تلفزيونية ناطقة باللغة الفارسية لمواجهة الدعايات الإيرانية التي تبث على قناتها "العالم" الناطقة باللغة العربية والتي أفادت التقارير بأنها مستهدفة من قبل السعوديين. يمكن أن تتعايش الدعاية والدبلوماسية. في وقت سابق من هذا الشهر، ناشد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، السعوديين في جولة من المقابلات الإعلامية "نحن والعرب في المنطقة في سفينة واحدة، وإذا غرقت هذه السفينة فإن الجميع سيغرقون معا وليس هناك من سينقذنا. وآمل أن يولي  أصدقاءنا العرب اهتماما لهذا المبدأ وإدراك أن مستقبلنا واحد وفهم ان ايران ستكون معهم للوصول إلى واحة للاستقرار"، لكن تم تجاهله صوته لأن السعوديين كانوا يسمعون في نفس الوقت أصواتا أقل لطافة من الأصوات الإيرانية.

يقول المحلل عباس أصلاني محذرا "تصاعد التوتر يمكن أن يؤدي إلى قرار سعودي بإستبعاد الحجاج الإيرانيين من الحج"، ويضيف "يمكن أن يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى أن يجد كلا البلدين نفسيهما غارقان في مزيد من التوتر والحرب بالوكالة أكثر من أي وقت مضى، وستكون النتيجة النهائية منطقة غير مستقرة وأكثر تقلبا". لفترة من الوقت كانت هناك توقعات بأن الأمور قد تتحسن في عهد الرئيس حسن روحاني، الذي حل العام الماضي محل الوقح محمود أحمدي نجاد.

كان هناك سابقة أحدثت نوعا من ذوبان الجليد عندما كان الاصلاحي محمد خاتمي في السلطة. غير أن المؤرخ علي أنصاري من جامعة سانت اندروز يرى أن "العلاقة السعودية الايرانية سيئة الآن كما هو الحال في أي وقت مضى"، وأضاف "كنا نأمل أنه في ظل روحاني قد يكون هناك نوع من الانفراج مع السعوديين. ولكن الديناميكية الإقليمية جعلت ذلك مستحيلا. ولا أعتقد أنه سيتم حلها في أي وقت قريب". ويفسر الأنصاري ذلك بأنه ومن خلال رفع قضية الأحواز فإن "السعوديين يعيدون ارتكاب مافعله صدام حسين في الثمانينات، وهذا بالتأكيد تأجيج مقصود للتوترات القومية في إيران. فهي ليست قضية طائفية بل قضية عربي-فارسي. كلا الطرفين متورط في دورة تفاقم العداء المتبادل. يخلط الإيرانيون بين السعوديين وداعش لكنهم أيضا يجمعون بين الأميركيين والسعوديين. يرون مؤامرة واحدة كبيرة وهذا هو السبب في كون هذا الوضع برمته خطير جدا".

http://www.theguardian.com/world/on-the-middle-east/2015/oct/23/iran-and-saudi-arabia-ramp-up-hostile-rhetoric-to-new-levels

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق